أ.د.عثمان بن صالح العامر
إنَّ ما حدث الجمعة الماضية من قتل وجرح وتخويف وترويع للمصلين الآمنين في مسجد النور (بيت من بيوت الله) الأصل فيه الأمن والطمأنينة والسلام، ليس حدثاً عابراً ولا يمكن أن يُسكت ردة الفعل المتوقعة - من قبل شريحة من المسلمين الذين قد يتعاملون مع هذه الجريمة النكراء بعواطفهم لا بعقولهم - الشجب والتنديد والاستنكار - مع أهمية ذلك وضرورته خاصة من قبل الساسة والعلماء، المثقفين والكتاب، الأفراد والمؤسسات، الجماعات والأحزاب، الدول والهيئات، المسلمين وغير المسلمين - فهو حقيقة حدث عالمي مفصلي، عابر للقارات، ومخترق لسياج المحرمات سواء في الديانات السماوية أو المواثيق والأعراف الدولية والمواد والفقرات في الدساتير العالمية، يتجاوز في صداه وردود الأفعال عليه دائرة الحدث الضيقة ليصل إلى كل مسلم يستشعر معنى ودلالة الأخوة الإسلامية، بل إنه يلامس شغاف قلب كل إنسان يعي معنى الإنسانية وينشد السلام العالمي ويتوق للتسامح والوئام الدولي ويتطلع لزوال خطاب الكراهية والعنصرية المقيت من دنيا الناس. ولا يمكن لهذا الحدث الذي وصفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه - بـ(المجزرة الشنيعة.. عمل إرهابي) أن ينمحي ويزول من الذاكرة المسلمة خاصة الجاليات الموجودة خارج أوطانها بسهولة ويسر وفي الزمن المنظور على الأقل.
لقد كشف هذا المجرم بصنيعه المقيت المستنكر من الجميع الحقد الدفين الذي يحمله اليمين المسيحي المتطرف على الإسلام والمسلمين، ولا أدل على ذلك من تلك التواريخ والكلمات التي كتبها على سلاحه الذي قتل به المسلمين الذين اجتمعوا من أجل أداء صلاة عظيمة في يوم عظيم وبمكان عظيم طلباً لما عند الرب المنتقم عز وجل، ولذا فإن ما يشفي ما في الصدور هو تتبع هذا التيار الإرهابي المتشدد واجتثاثه من جذوره وحماية الإنسانية عامة والمسلمين خاصة من شره سواء في أوروبا أو الأمريكيتين أو غيرهما.
إن من ردود الأفعال الإيجابية الرامية إلى توظيف هذا الحادث الشنيع والفعل الإرهابي المقيت لخدمة الإسلام والمسلمين هناك، نشر تغريدة خادم الحرمين وتداولها على أوسع نطاق وترجمتها للغات الحية من أجل أن تصل للعالم أجمع حتى يعلم الكل من نحن وماذا يعني أن ينال من أهل الإسلام في أي مكان كانوا، وكذا مخاطبة الشعب النيوزلندي عبر مواقع التواصل الاجتماعي باللغة التي يتحدثون بها وبالعقلية التي يفهمونها، ومقترح تأسيس مسجد كبير باسم شهداء مسجد النور وفتح التبرعات لبنائه لجميع شعوب العالم الإسلامي، وحتى يكون مخلداً لهذه الذكرى الحزينة المؤلمة.
رحم الله من قضى نحبه في هذا الحادث الجلل، وأسأل الله أن يتقبلهم عنده من الشهداء الأبرار، وشفى الله الجرحى ورزق أهلهم وذويهم والمسلمين في كل مكان الصبر والسلوان.. وإلى لقاء والسلام.