خالد بن حمد المالك
كيف ستكون ردود الفعل لو أن مجزرة المسجدين في نيوزلندا كانت في معبد يهودي أو كنيسة مسيحية؟ هل ستقتصر على تصريحات تحمل تنديدات بالجريمتين على استحياء من البعض، وبتأييدها على نطاق واسع من البعض الآخر، كما هو التعامل مع هذه المأساة المروِّعة؟!
* *
من المؤسف أن التعامل يكون انتقائيًا حتى مع جريمة إنسانية لا مبرر لها، وأن ينتهي التحقيق لاحقًا - وكما هو متوقع- مع المجرم الذي قتل العشرات من المصلين الأبرياء بإدانته والاكتفاء بسجنه عدداً من السنين، أو مدى الحياة معزّزاً مكرّمًا التزامًا بحقوق الإنسان المزعومة لدى دول الغرب.
* *
بينما يقتضي العدل أن يُقتل وبأسرع وقت انتقامًا لحق الأبرياء الذين قتلهم بدم بارد، وأي حكم يخرج عن هذا السياق، بمبررات قانونية مفتعلة، هو من باب التشجيع على التطرف والعنف والإرهاب، إذ لا يوجد إرهاب بشع ودام ولا إنساني بمثل ما فعله هذا المجرم الذي كان يمكن أن يقتل أكثر من الخمسين مسلمًا ممن كانوا يؤدون الصلاة في رحاب الله.
* *
مشهد الصور واللقطات لهذه الجريمة، مخيفة ومروِّعة، وتظهر أن غير المسلمين يرتكبون مثل هذه الجرائم أيضًا، بل وأكثر منها قسوة ودموية، ولكن لا تسلّط عليها الأضواء، ولا يتم التعامل معها سياسيًا وإعلاميًا وإنسانيًا مثلما يتم ذلك لو أن الفاعل مجرم يدين بالإسلام.
* *
لقد أظهرت هذه الجريمة ومثيلاتها من قبل، أن غير المسلمين فيهم إرهابيون وقتلة ومجرمون، كشأن المجرمين من المسلمين، فالإرهاب لا دين له ولا وطن، ولهذا ينبغي التعامل معه بقسوة بصرف النظر عن مكان الجريمة ودين من ارتكبها، ومبرراته لها، وإذا وجد من يؤيدها كما فعل العنصري المتطرف عضو مجلس النواب الأسترالي فريزر الذي أيَّد هذه الجريمة، وحمَّل المسلمين المسؤولية عنها، فيجب أن يكون متهمًا في الضلوع والمشاركة بها والتأييد لها، وبالتالي محاسبته كمتطرف وإرهابي كشأن المجرم القاتل.
* *
لسنا في موقف التفاؤل بالقضاء على الإرهاب، طالما أن قرارات المحاكم لدى الغرب لا تجيز قتل المجرمين، حتى ولو ارتكبوا مجزرة دامية، وقتلوا هذا العدد الكبير من المسلمين، وتكتفي بأحكام مرنة تشجِّع على تكرار هذه الجرائم، مع الاطمئنان على أن محاسبتهم لن تتجاوز السجن لبضع سنوات أو مدى الحياة، ثم يأتي العفو دون استكمال بقية سنوات الحكم عليهم.
* *
يا إلهي، كيف يسمح شخص لنفسه وهو بكامل أهليته العقلية، بأن يرتكب مثل هذه المجزرة المروِّعة، دون أن يشعر بتأنيب الضمير، أو الإحساس بالندم؟! وإلى متى ستظل محاسبة هؤلاء القتلة المجرمين، بما لا يجعلهم أو من يقتدي بهم في فعلتهم في وضع يسمح لهم بتكرار هذه المجازر اللا إنسانية؟ وهل ما يُسمى بمنظمات حقوق الإنسان هي هكذا بمدلولها وقوانينها ودورها، أم أنها تتعامل بانتقائية وبمعايير مختلفة، بما لا يجعلها بريئة من هذا الذي نراه من جرائم؟!