فهد بن جليد
نجاح خمسين شاباً وشابة من أبناء الوطن، في كسر الرقم العالمي القياسي لأطول مسار فرشاة أسنان في العالم، وتسجيل الرقم على موسوعة «غينيس» باسم السعودية بمناسبة اليوم العالمي لصحة الفم والأسنان 2019، هو لفتة ذكية من القطاع الخاص لمُشاركة المجتمع أهمية الحفاظ على الأسنان وصحة الفم، وخلق تجمع توعوي في أحد أشهر مولات الرياض الذي شهد بناء أطول مسار لفرشاة الأسنان في العالم بطول يزيد على كيلو ونصف (1646م)، من خلال صف أكثر من 30 ألف فرشاة أسنان في مسار واحد، والجميل أنَّه بعد تسجيل الرقم وتوثيقه من قبل مندوب الموسوعة العالمية وتسليمه للشهادة، فتح المنظمون الباب على مصراعيه للأمهات والأطفال لجمع ما يستطيعون من فرشاة الأسنان والذهاب بها، لاستخدامها أو توزيعها في مجتمعاتهم المحيطة، للفت الانتباه حول ضرورة استخدام فرشاة الأسنان بالشكل الصحيح، نحن بحاجة لمثل هذه الأفكار التوعوية المبتكرة، البعيدة عن التوعية التقليدية في كل عام.
أجدُ نفسي في كل مرة منحازاً للإجراءات والتدابير الوقائية، ولكل عمل توعوي يخص صحة الأطفال وأسنانهم، ولعل الأرقام المفزِعة التي تعلنها وزارة الصحة خير شاهد على ضرورة تشجيع مثل هذ التحرك لعلاج مشكلة نسبة الأطفال المصابين بتسوس الأسنان في المملكة والتي تبلغ 96% لأعمار ست سنوات، بل إنَّ علاج الأسنان في السعودية يكلف -بحسب وزارة الصحة أيضاً- 5 % من إجمالي الإنفاق الصحي و20% من الإنفاق الشخصي، وكلنا يعلم حجم معاناة رحلة الآلام التي يخوضها كل من يرغب في علاج أسنانه، ووقوعه ما بين سندان مواعيد المشافي الحكومية، ومطرقة المستشفيات الخاصة.
كتبتُ هنا سابقاً - سلسلة مقالات - حول إهمالنا المجتمعي والأسري الواضح بصحة الفم والعناية بالأسنان، وتُشاطرنا وزارة الصحة ذات الإهمال في سنوات مضت عندما لم تتحرك كما يجب لمواجهة هذا الخطر، وتوعية الناس به بالشكل المأمول، إضافة للنقص الواضح والشديد في أعداد عيادات الأسنان في المستشفيات الحكومية، وهو - برأيي - ما ساهم في إهمال العلاج وتفاقم المشكلة، رغم وجود أعداد كافية من الأطباء السعوديين العاطلين - سبق أن كتبت عن معاناتهم- الحل كما أراه هو أن تتحمل وزارة الصحة مسؤولياته في هذا الملف، وتضع خطة شاملة وسريعة وبرنامج وطني لعلاج صحة الأسنان والفم وتخفيض فاتورة العلاج التي يتكبدها الآباء، والعمل على نشر الثقافة بين الأطفال والأسر بأساليب علمية وإعلامية ماتعة ومبتكرة، قبل أن تتفاقم الفاتورة أكثر وأكثر مع صعوبة الحل الوقائي.
وعلى دروب الخير نلتقي.