د.عبدالعزيز الجار الله
المذبحة الإرهابية التي تمت يوم الجمعة الماضية في مسجدين في مدينةكرايست تشيرش النيوزيلاندية الواقعة في جنوب غرب المحيط الهادئ، في بلد عدد سكانه حوالي (5) ملايين نسمة هم خليط أغلبيته حوالي 60 % من المهاجرين البريطانيين والأوروبيين، والباقي من السكان الأصليين ومن الشرق الأوسط، هذه المذبحة الإرهابية نفذت بقصد إرهاب المسلمين وقتل أكبر عدد منهم، وليست مذبحة عنصرية منفردة قصد منها ذبح الملونين من غير العرق الأبيض الأوروبي والغربي من العرق الأبيض، بدليل أنها تمت في مسجدين، وليس بتصرف طائش أو مجنون تم الأعداد للعمل لمدة سنتين عبر منفذين (4) أشخاص تواصلوا وفِي أكثر من بلد، فهو من الأعمال الإرهابية الجماعية مخطط له، كما قالت رئيسة وزراء نيوز يلندا: الحادث هجوم إرهابي تم التخطيط له بشكل جيد.
انتهت الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي التي بدأت في منتصف الأربعينات وحتى أوائل التسعينات في القرن الميلادي الماضي نتج عنه تفكك الاتحاد السوفيتي وانفردت أمريكا كقوة وحيدة، ومنها بدأ الحرب على الإسلام كدين، وعلى الشرق الأوسط كدول، وعلى العنصر الملون في أوروبا والغرب إجمالاً.
قدمت لنا الجريمة أكثر من حقيقة:
- الإرهابي النيوزيلندي صور ووثق مشاهد المذبحة بالفيديو وبثها مباشرة وهو يقتل ويجهز على المصابين، ويرسل مقاطع فيلمية لوجهه وأدوات الجريمة وقطع السلاح، فلم يترك أيّ فرصة للمبررين من الغرب أن يحموه تحت أيّ غطاء.
- الإرهابي لم يترك للإعلام الغربي الفرصة لرسم الحدث على طريقتهم بحشد مشاهد الإنقاذ والإسعاف التي تغيب الحقائق وتخفي واقع الجريمة ودلالاتها.
- التواصل الاجتماعي من الناجين والقريبين من مسرح الجريمة أرسلوا للعالم المشاهد وهي تحدث للتو، والدماء تنزف وأصوات الاستغاثة تعلو والشهداء -بإذن الله- تتنازع أرواحهم، ففوتوا الفرصة على من يرغب في التغطية على جريمة قتل المسلمين في المساجد بهدف إرهابي بغيض.
الجريمة وما رافقها من تصوير لعملية القتل ونقلها عبر التواصل الاجتماعي أضاعت الفرصة على من كان ينوي إخراجها من سياق الإرهاب الديني والحقد على الإسلام والمسلمين وحتى على الملونين.