خالد بن عبدالكريم الجاسر
بات القارئ السعودي هدفًا إستراتيجيًا تشرئب له أنفس أصحاب دور النشر في عالمنا العربي والإسلامي، إضافة إلى دوره المحلي بعد أن كشفت الأرقام المتزايدة حجم ما يستقطبه من الزوار الذين يفدون عليه، وكأنها محطات استرخاء لفكرهم الذين يتمعن للحظات عناوين الكتب التي تبرزها أرفف أجنحة دور النشر العالمية، حتى يجدوا لهم من بينها ما يُلبي شغفهم في القراءة.
وليتأكد العالم بالحراك الثقافي والفكري الذي تشهده المملكة وبيئتها الجاذبة في ظل رؤية حالمة، أولويتها دعم المواطن عبر ما يجده المثقفون السعوديون من القيادة الرشيدة، ومؤسساتها الثقافية. ترجمته معارضنا على مر عقود من الزمن بانسجام فكري بين أبناء المجتمع السعودي وعالمه الخارجي بمختلف فئاتهم العمرية، و»الكتاب» بمختلف مجالاته وعدد مطوياته الورقية والإلكترونية عبر مختلف الوسائل الحديثة كنتيجة حتمية للتطور التقني والاتصالي الذي يعيشه العالم في هذا العصر.. مُقبلين إقبالاً كبيراً بتناسبِ طردي في لغة الأرقام مع حجم المبيعات مقارنة بالأعوام السابقة، مما جعل «كِتَاب الرياض» علامة فارقة تميزه عن غيره من المعارض، فديمومة التفرد بالجماهيرية والتنظيم الجيد والمبيعات الكبيرة، وتقنيات البحث الآلي التي تُسهل التواصل بين الزوار ودور النشر، وطرق الوصول إليها بشكل منظم، هي أمور نادراً ما تُلازم المعارض على الدوام، وهذا بالتحديد ما يمكن لمعرض الرياض للكتاب المراهنة عليه باستمرار.
وما كان ذلك من فراغ، بل بعد دراسات علمية دقيقة، ومعلومات مسحية على أسس إحصائية واقعية، من شأنها أن تعطينا مخرجات تتواكب مع توجهات الأجيال الجديدة في القراءة والاهتمامات، وتنفي ما نسمع من أحاديث عابرة تُشاع من حين إلى آخر عن عدد من الظواهر الثقافية والاجتماعية، كعدم وجود ميول لدى الشباب إلى القراءة، أو التوجه القرائي باتجاه مجال معين، وغيرها من هذه الأقاويل التي تظل مجرد تخمينات، ولعل التكنولوجيا الحديثة سهلت كيفية إجراء هذه الدراسات بشراكة الجامعات التي تحتضن العديد من الأسماء والمتخصصين البارزين في هذا المجال، نراها حراكاً ثقافياً مُميزاً ومستمراً، تعيشه عاصمتنا الحبيبة، ويُحقق النجاح المُبتغى، كنشاط يُشعل فتيل القراءة والبحث عن الكلمة والعنوان واحتضان الكتاب، فرصة حقيقية لتحريك الفكر والتحفيز على الإبداع، ويشكل رصيداً ثقافياً يُحسب لكل من أسهم وشارك في الإعداد والتنظيم. خلافاً للأعوام السابقة وما شابها من المعارك الفكرية والثقافية المُتجددة والكتابات الانحرافية الهدامة لأبنائنا، بفضل الرقابة القوية ومنع عرض الكتب المُخالفة للشريعة، والتي تُروّج لقيمنا الأصيلة، عبر دور نشر غايتها المال فتنشر الغث والسمين، ودور وراءها أهداف سياسية هدامة.
وقفة: تساءلت نفسي، لماذا لا يقام المعرض في العطلات الرسمية، وخصوصًا التعليمية، حيث يمكن لعدد الرواد أن يزيد عن مئات الألوف؟، لكن أقنعتني إجابات مدروسة... فاختيار التوقيت إذا أردنا له أن يكون دولياً بمشاركات دور النشر العالمية، لابد أن يندرج ضمن جدول زمني ينظم إقامة المعارض الدولية على مدار العام في كل مُدن العالم، بشرط أن يكون هناك فاصل زمني بين المعرض والآخر، يسمح بتنقل دور النشر والناشرين من مدينة إلى أخرى، ويستغرق اعتماد استضافة أي مدينة للمعرض، وقتًا للدراسة من قبل اتحادات الناشرين لاعتماد توقيت ما يتناسب وتوقيتات المعارض الأخرى، كما جاء وقت معرض الرياض ضمن منظومة المعارض الدولية من 13-23 مارس 2019م، وهو موعد سيتكرر سنوياً ومثله بقية المعارض الدولية، منها ثمانية في دول الخليج العربي تشعان فيهما مدينتين بوطننا الغالي، وهما جدة والرياض، وعشر مدن عربية، وتسع دولية، ومدن أخرى تنتظر مواعيد لإقامتها.
تأمل: للكتاب متعة حقيقية لا تُنسى، فهي تجعلك تُبحر بين السطور وتغوص بين العناوين.. فشكراً لكل من أسهم فيها قيادةً ومسؤولين ومن وقف بصمت خلف هذه التظاهرة الثقافية العالمية كل عام واجتذبت أصدقاء الكتاب بالمملكة وخارجها.