يوسف المحيميد
لا شك أن ثمة فارقاً كبيراً بين معارض الكتب في الدول النامية، والدول المتقدمة، وذلك باختلاف وظيفة هذه المعارض والهدف من إقامتها.. ففي الدول النامية يصبح المستهلك للكتاب هو الهدف الأول والأخير، بينما معارض الدول المتقدمة هي سوق للمحترفين التجاريين، يتم خلالها بيع حقوق الكتب وترجمتها.. إذ يقوم الوكلاء بعرض عناوين جديدة للناشرين، وذلك إما على منصات الناشرين أنفسهم أو في مركز حقوق خاص، والبيع يكون بعدة طرق، إما حصريّاً للمشتري المحتمل، أو في وقت واحد لعدة مشترين، أو عبر مزاد علني.. في حين يتنقل المشترون في المعرض من اجتماع إلى آخر. فمعارض الكتب في فرانكفورت، ولندن، ونيويورك، وغيرها، هي معارض للصفقات التجارية الخاصة بالكتب، بمعنى أن المستهلكين أو القرّاء لا يحضرون إلا في اليومين الأخيرين؛ حيث يُسمح خلالهما ببيع النسخ المتاحة للعرض.
السؤال المهم، هل يمكن اعتماد هذه الوظائف وتطبيقها في معارض الكتب العربية؟.. وهل هناك اهتمام بحقوق الملكية للكتب أو الترجمة على المستوى العربي، حتى يقام لها معارض؟.. وهل أصبح الكتاب سهل المنال في مراكز بيع الكتب عربيًا، بحيث لا يضطر القارئ إلى انتظار معرض الكتاب كل عام، كي يشتري مؤنة العام من القراءة؟
طبعًا لا يمكن الانتقال السريع إلى هذا النمط المتقدم في دولنا، والتضحية بالوظيفة العامة لمعارضنا، التي تخدم المستهلك نفسه، لكن ماذا لو خطط معرض الرياض الدولي للكتاب على الانتقال التدريجي حتى العام 2030 نحو التحفيز على صناعة الكتاب؟.. ماذا لو بدأنا منذ العام المقبل، بتحقيق الوظيفتين معًا، الوظيفة العامة والمهنية، أي تلبية رغبة القارئ المستهلك في شراء الكتب كسلعة، ورغبة المحترفين في قطاع النشر في عقد الصفقات وشراء حقوق الكتب والترجمة، وذلك بالتنسيق مع إدارة معرض دولي عريق، كمعرض لندن للكتاب أو فرانكفورت مثلاً، أو حتى الدخول في شراكة معهم؟.
كلنا ثقة بالمستقبل، فمنذ البدايات حين كان المعرض يُقام في الجامعات لجمهور الطلاب، وحتى انفتاحه الآن لكافة فئات الأسرة، وتحولاته الكبيرة لأكثر من ربع قرن، تجعلنا نجزم اليوم بأن المعرض سيُصبِح أيقونة المعارض العالمية كما هو الآن على المستوى العربي.