د. محمد عبدالله الخازم
أحيانًا أرى أهمية إعادة نشر بعض الأفكار التي كتبتها سابقًا، ليس نقصًا في الجديد، ولكن لأنه رغم مرور السنين لا يزال الموضوع يستوجب الطرح، ولأن هناك تغييرات مجتمعية أو إدارية تغريك بإعادة طرحها. التطوع أحد تلك المواضيع الذي يستوجب تكرار الكتابة عنه، وتزداد أهميته حينما نرى أبناءنا وبناتنا ينقصهم مهارات وقيم لها علاقة به، ويعجزون عن ملء الفراغ لديهم؛ نرى تزايد أعداد المتقاعدين وما يملكونه من خبرات لا تُستغل، نرى العاطلين عن العمل الذين هم بحاجة إلى اكتساب خبرات مناسبة حتى حين حصولهم على أعمال رسمية... إلخ. العمل التطوعي يساعد على:
1- القيام بأمور جيدة وقت الفراغ.
2- التعرف على أناس جدد.
3- صقل الشخصية ونموها.
4- اكتساب مهارات جديدة في التخصص أو الخبرات العامة.
5- القدرة على قبول تحديات جديدة.
6- التعرف على طرق أخرى في رؤية المشاكل الشخصية أو الاجتماعية أو المهنية.
7- زيادة الثقة بالنفس والإحساس بالراحة.
9- البقاء في حالة ذهنية وجسدية وصحية نشطة.
10- الإحساس بالمتعة العامة.
11- تحسين السيرة الذاتية.
12- تنمية الروح الوطنية والانتماء.
هناك من يتطوع؛ لأن لديه الوقت للقيام بذلك خارج عمله الرسمي أو تخصصه، والبعض يتطوع ليشارك الغير بكنوزه العملية والعلمية والمهنية، والبعض يعطي من وقته إقرارًا بالفضل لما حصل عليه، سواء من المجتمع أو الوطن أو المؤسسة..
المجتمع بحاجة إلى تفعيل العمل التطوعي للارتقاء بنمو الإنسان، ولمساعدة المؤسسات والجهات والهيئات على الاستفادة من خدمات المتطوعين بشكل مجاني أو شبه مجاني في المجالات الاجتماعية والصحية والإنسانية والتعليمية كافة.
العمل التطوعي محفز لتعزيز الانتماء الوطني، وصقل الشخصية الوطنية المعطاء، والباذلة للجهد لأجل الوطن والمجتمع؛ وعليه أتمنى أن يتم تضمينه مواد التعليم، ليس كمادة دراسية نظرية أو قطعة تعبير إنشائية، ولكن كتطبيقات عملية، يؤديها الطالب في مجتمعه، كساعات إضافية، أو كجزء من اليوم الدراسي. وتحديدًا أقترح أن يصبح ضمن منهج الثانوية العامة للبنين والبنات متطلب العمل التطوعي أو خدمة المجتمع. وأذكر هنا مثالاً، تطبقه كندا؛ إذ إنه مطلوب من الطالب (مقرر أونتاريو) في المرحلة الثانوية الوفاء بأربعين ساعة عمل تطوعية أو خدمة مجتمع (وفق تسميتهم لها)، يقوم بها الطالب خلال الثانوية وخارج قاعات الفصل الدراسي؛ إذ لديه سجل يرصد ساعات العمل المجتمعية أو التطوعية خلال مرحلة الثانوية (4 سنوات). قد تكون عملاً بسيطًا، ساعة أو ساعتين في الأسبوع في مركز الحي، في عمل بالمدرسة خارج الدوام، في جمعية مسنين، في تنظيم مباريات الحي، في العناية بالمرضى، في تنظيف مكان عام كالمسجد أو حديقة الحي... إلخ. الفكرة سهلة وغير معقدة، ولعل الجامعات تتبناها كذلك.
التطوع ليس مجرد خبرة عملية، بل تكمن قيمته الإنسانية والوطنية في تعليم الطالب العطاء بدون مقابل، والتربوية في تعلمه التعامل مع الآخرين، وقبول تنوعهم خارج مدرسته وأسرته. كما أنه يحفز عليه باعتباره جزءًا من معايير القبول في الجامعة أو الوظيفة، أو لكونه مؤشرًا على قدرات وقيم الشخص على العطاء والبذل والتضحية والتعامل مع الآخرين.