محمد سليمان العنقري
ستة توصيات سيصوت عليها مجلس الشورى قريبًا تتعلق بنقص حاد في التخصصات الصحية بالمستشفيات الطرفية في المملكة وتتركز بالعلاج الطبيعي والوظيفي والنطق والتخاطب، ومبرر التوصيات زيادة الشكاوى من طالبي الخدمة من نقص بالأخصائيين مما ينعكس سلبًا على مستوى الخدمة ومطالبات الشورى لحل هذه الإشكالية تشمل أدوار للجهات المعنية بتأهيل الكوادر البشرية الوطنية لتلك التخصصات من وزارة التعليم والصحة كذلك، بل ذكر أن أحد المستشفيات طلب متخصصين بهذه المجالات منذ عامين ولم يتقدم أحد مما يشير فعلاً إلى نقص حاد في المتخصصين الصحيين.
بداية ليس بجديد ظهور مشكلة الانكشاف المهني في التخصصات الصحية، بل الإشكالية بعدم وضع خطة إستراتيجية متكاملة لحلها منذ سنوات من قبل وزارتي الصحة والتعليم ممثلة في الجامعات تحديدًا، فرغم أن الدولة أنشأت عشرات الجامعات وافتتحت فيها كليات صحية بكافة مناطق المملكة إلا أن الاستفادة من الكليات وما توفر فيها من إمكانات ما زال دون المستوى المطلوب من حيث عدد الخريجين لأنها بالأصل لا تقبل أعدادًا كبيرة، ولو تعمق أعضاء اللجنة الصحية بمجلس الشورى أكثر بأرقام الممارسين الصحيين لاكتشفوا أن أكثر من 70 في المائة من الأطباء البشريين وافدون وهو انكشاف مهني ضخم والحال لا يختلف كثيرًا عن تخصصات طب الأسنان والصيدلة وبقية التخصصات الصحية أي أن الحاجة ماسة جدًا لوضع خطة إستراتيجية معلومة النتائج مسبقًا من حيث عدد السنوات التي يجب أن نصل بها لنسب تغطية التخصصات الصحية بمختلف أنواعها من المواطنين بما يحقق نسبة تغطية 100 في المائة ويفترض أن تراوح حول 10 أعوام.
فالوصول لنسب عالية من المواطنين المختصين في التخصصات الصحية يتطلب تحديدًا دقيقًا من قبل وزارة الصحة لاحتياجات كل منطقة من الأعداد المطلوبة بكل تخصص ليتم قبولهم سنويًا في الجامعات وكذلك الابتعاث للتأهيل حسب الحاجة بما يحقق الهدف بنسب التغطية الكاملة، فالإشكالية التي يتكلم عنها أعضاء مجلس الشورى ليست هي الوحيدة بهذا الملف المهم وهو أن يكون السواد الأعظم من الممارسين الصحيين مواطنين بل يجب النظر أن تغطية العجز يتم من الوافدين وهو ليس حلاً صحيًا فهذه المهن مطلوبة في كل دول العالم وأي عرض جيد قد يغري الطبيب أو المختص الوافد بقبوله ويغادر سوق المملكة فلو استبعدنا الأطباء الوافدين من حساب التغطية لكل ألف نسمة فإن عدد الأطباء السعوديين منخفض وهو بمعدل يقارب 0.7 طبيب لكل ألف نسمة بينما المعدل العالمي لا يقل عن 2.2 طبيب لكل ألف نسمة ويتم تغطية هذا النقص لدينا لنصل للحد الأدنى عالميًا بالاستقدام.
يقاس تقدم الدول بالخدمات الصحية بزيادة نسب المتخصصين الصحيين للسكان، وإن مراجعة وتحليل أرقام الكوادر البشرية المشغلة للقطاع الصحي في المملكة الذي ينفق عليه قرابة 5 في المائة من الناتج المحلي وجله رواتب لتلك الكوادر يتطلب تحليلاً كاملاً للواقع الحالي من حيث الأعداد المشغلة ونسبة المواطنين فيها وكذلك معرفة الطاقة الاستيعابية للكليات الصحية إذا تم تشغليها بكفاءة أعلى مع معرفة لاحتياج كل منطقة حاليًا ومستقبلاً من الكوادر البشرية الوطنية بمختلف التخصصات الصحية فذلك ما سيدعم استدامة وسرعة وجودة أعلى بالخدمات وتوطين لهذه المهن بكافة مناطق المملكة وينعكس إيجابًا بالتنمية عمومًا.