د.عبدالعزيز العمر
تستطيع اليوم أن تقسم دول العالم من حيث قوتها إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى هي تلك الدول التي تملك القوتين: أي القوة الاقتصادية (القوة الناعمة)، والقوة العسكرية (القوة الصلبة)، وهذه الفئة تمثلها الولايات المتحدة وألمانيا، أما الفئة الثانية فهي تلك الدول التي تملك القوة العسكرية فقط (كوريا الشمالية وروسيا مثلا)، أما الفئة الثالثة فهي تلك الدول التي تملك القوة الاقتصادية فقط (سنغافورة وكوريا الجنوبية مثلا). السؤال الذي نطرحه هنا هو: هل التعليم المميز والفعال يضمن لأي دولة تحقق قوتيها العسكرية والاقتصادية. الواقع يقول إن التعليم اليوم في دول العالم المتحضر يتوجه وبشكل رئيسي نحو تحقيق القوة الاقتصادية، وليس القوة العسكرية. فالاقتصاد يلعب اليوم دورا رئيسا في تحقيق التنمية الوطنية، وقد تستخدم القوة الاقتصادية في إضعاف الأعداء (كما تفعل الولايات المتحدة اليوم بإيران وروسيا حاليا).
القوة العسكرية قد تتحقق لأي دولة دون أن يكون لديها تعليم قوي ومميز، يحدث هذا عندما تهمل تلك الدولة احتياجاتها التنموية، وتتجاهل تنمية مهارات مواطنيها، ولا توفر فرص الحياة كريمة لمواطنيها، وتجلب العلماء والموارد لأغراض عسكرية فقط. ومثل تلك الدول تبحث غالبا عن أعداء وتخلقهم إن لم يوجدوا. اليوم العالم يتوجه نحو الاستفادة من التجربة التعليمية لكوريا الجنوبية وسنغافورة وبعض دول شمال أوروبا. هذه الدول لم توجه سياساتها ومصادرها وتعليمها لتحقيق التفوق العسكري، بل لتحقيق تقدما ونموا ورخاء اقتصاديا هائلا ورفاها اجتماعيا مميزا.