رقية سليمان الهويريني
تتحجج بعض الأمهات بضيق الوقت، والانشغال، أو المحافظة على القوام؛ فلا يرضعن أطفالهن من صدورهن، ويفضلن إعطاءهم حليبًا مصنعًا! لذلك تراجعت معدلات الرضاعة الطبيعية، وتنوعت أمراض الأطفال. وهذا يعود إلى قلة ثقافة الأمهات، وضَعف إدراكهن بأهمية الرضاعة لهن ولأطفالهن.
وكان على وزارة الصحة أن تولي هذا الأمر أهمية كاهتمامها بالتوعية ضد التدخين (مثلاً)، وهو أمر حسن، إلا أنها مقصّرة في سبيل نشر ثقافة الرضاعة الطبيعية. ومن هنا تبرز الحاجة لذلك، والتركيز على أهمية هذه الخطوة الأساسية في حياة كل أم.
والحق إن الرضاعة الطبيعية قد تكون مزعجة في البداية بسبب عدم الاعتياد على عملية إدرار الحليب، ولكنها تتم بطريقة غريزية؛ إذ تبدو العلاقة حميمية بين الطفل الرضيع وأمه طلبًا للرضاعة، ويستطيع الطفل تمييز رائحة أمه دون غيرها، كما أنها تساعد الطرفين على الاسترخاء والراحة النفسية بسبب إفراز هرمون «أوكسيتوسين». ومن الضرورة طلب النصح ممن لهن تجارب سابقة لتعلم المبادئ الصحيحة للإرضاع، مع الأخذ في الاعتبار حاجة جسم الأم إلى 400 سعر حراري إضافي يوميًّا لإفراز الحليب، وعليها تناول البروتينات كاللحوم والبيض والبقوليات والحليب ومشتقاته، والحبوب الكاملة والفاكهة والخضر الطازجة لتحسين جودة الحليب ومكوناته، والحرص على اتباع نظام غذائي معتدل ومتنوع؛ لأن الطفل يتأثر بطعام أمه؛ لذا عليها تجنب الأطعمة الغنية بالتوابل، والحد من تناول الكافيين.
وحين نقول إن الإرضاع حق وليس تفضلاً فإن حليب الأم بعد الولادة مباشرة يحتوي على «اللبأ» ذي اللون الأصفر، ويبدو أكثر كثافة لغناه بالبروتينات والدهون، وهو أمثل غذاء للمولود؛ لتناسُب مكوناته مع حاجات الطفل. وأثبت الواقع أن الطفل الذي يرضع طبيعيًّا لا يزور المستشفيات.
ونتيجة لظهور أجهزة ضخ الحليب بسهولة فإنه بات من الضرورة اللجوء لهذه الطريقة للأمهات العاملات، وحفظ الحليب في أوعية، ووضعه في درجة حرارة مناسبة، وإرضاعه الطفل في حال غياب أمه؛ ليحصل على حقه كاملاً.
وعلى كل سيدة منجبة أن تدرك أن الأمومة منظومة متكاملة؛ فهي مسؤولية وعطاء وتضحية.. والرضاعة الطبيعية جزءٌ من هذه المنظومة.