«الجزيرة» - الثقافية:
صدر عن مركز تاريخ مكة المكرمة التابع لدارة الملك عبدالعزيز كتاب (مكة المكرمة والمدينة المنورة في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري - النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي في ضوء مخطوطة قرة العين في أوصاف الحرمين لأبي عبدالله محمد المحجوب - دراسة أثرية حضارية) للدكتور محمد بن شبيب السبيعي عضو هيئة التدريس في كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود بالرياض. وجاء الإصدار ضمن اهتمامات المركز بتاريخ الحرمين الشريفين ومكة المكرمة والمدينة المنورة، ويعد مصدرًا غنيًّا بالمعلومات الوصفية لمكونات الحرمين الشريفين من حيث الأشكال والأطوال والمسافات بلغة دقيقة، وأيضًا المشاعر المقدسة، والآثار في المدينتين المقدستين قبل (580) عامًا؛ إذ أنتج المحجوب الذي استدل المؤلف على أنه من إقليم المغرب الأدنى مخطوطته أثناء أدائه فريضة الحج عام 860هـ/ 1456م.
وقدّم المؤلف الدكتور محمد السبيعي نبذة عن صاحب المخطوطة من حيث الاسم والنسب والمنشأ والمكانة العلمية وسبب تأليفه لها، ثم علق على أهمية المخطوطة من واقع أصلها المحفوظ في باريس، كما علق بالمقارنة بين أوصاف المواقع الواردة في «قرة العين لأوصاف الحرمين»، وواقع ما بقي من المواقع المذكورة فيها في زمننا الحالي فيما يعد جهدًا علميًّا ميدانيًّا، لا يستهان به، يعيد أهمية المخطوطة كمصدر تاريخي مهم وثري. كما ألحق بكتابه خريطتين من المخطوطة نفسها، ولوحات ورسومات ومخططات وصورًا فوتوغرافية، التقطها أثناء الدراسة الميدانية، واستعان بأخرى موثقة عن مصادر أخرى.. مؤكدًا أهمية معلومات المخطوطة كون مؤلفها كتبها في ضوء ما شاهده بالعين، وعاينه بالملاحظة والسؤال في المسجد الحرام، بما فيه مكونات الكعبة المشرفة وأطوالها، والمسجد النبوي أثناء الحج، وهو موسم ذروة المدينتين. وما يضيف للمخطوطة من أهمية أنها لم تقتصر على الأماكن المقدسة، بل تناولت بالوصف معالم مكة والمدينة، مثل سورَيْهما وأبوابهما، ومنشآتهما المائية بأطوالها، وخط جريانها، وحدودها، والرسوم الأثرية، وبعض مساجدهما الأخرى، وقبور شهداء الصحابة في أُحد؛ وهو ما يجمع بين الهدف الديني والغاية العلمية عند أبي عبدالله المحجوب.
واختتم الدكتور محمد السبيعي دراسته الأثرية والحضارية للمخطوطة بالنتائج العلمية التي قسَّمها إلى نتائج علمية عامة من مدونة المخطوطة نفسها، ونتائج علمية خاصة للمؤلف في تضافر بين زمن المخطوطة والزمن الحالي. ومما جاء في النتائج الخاصة على سبيل المثال: «لم يكن غرس النخيل بالمسجد النبوي معروفًا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وعهد الخلفاء الراشدين، إلا أن الدراسة أشارت إلى وجود عدد من النخيل في صحن المسجد، يصل إلى ست نخلات أو سبع».