«الجزيرة» - خاص:
كشفت الهيئة العامة للزكاة والدخل يوم الخميس الماضي عن قرار الدولة بتحمل الزكاة وضريبة الدخل على الاستثمار في الصكوك والسندات الحكومية التي تصدرها وزارة المالية محلياً (المقومة بالريال السعودي). الزكاة وضريبة الدخل (التي ستتحملها الدولة) ستكون مُقتصرة على العوائد السنوية لأدوات الدين (التي يستلمها المستثمرون) وليس على قيمة الإصدار ككل. وجاء تحمل الدولة للزكاة وضريبة الدخل المترتبة على الصكوك والسندات الحكومية ليعزز الاستثمار المحلي والدولي فيها. القرار أمضى عليه وزير المالية وهو كذلك رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للزكاة والدخل.
وتأتي تلك التطورات الجوهرية كتأكيد على مصداقية صحيفة «الجزيرة» التي نشرت سلسلة من التحليللات قبل أكثر من شهرين ونصف والتي تطرقنا خلالها عن وجود ترجيحات بتقديم إعفاءات ضريبية على أرباح البنوك من الاستثمار بأدوات الدين الحكومية.
وقال المصرفي المُتخصص بأسواق الدين والائتمان محمد بن خالد الخنيفر بأنه من المعلوم أن البنوك قد أخرجت زكاة السنة الماضية (والتي كانت خارج تسوية الـ 16.7 مليار ريال)، حيث كانت التسوية السابقة تتعلق بالسنوات السابقة وحتى 2017، وفي السنة الماضية قامت البنوك بدفع 10 % على الأرباح الصافية، وذلك بعد استثناء عوائد الاستثمار بأدوات الدين الحكومية.
أدوات الدين
للقطاع الخاص
وأردف الخنيفر، على الجانب الآخر، تشير قواعد حساب زكاة أنشطة التمويل إلى أن من بين قائمة الأصول غير الزكوية التي سيتم حسمها من إجمالي الأصول هي إصدارات الدين الحكومية التي ستتحمل الدولة زكاتها، وكذلك أدوات الدين (الخاصة بالشركات)، بعبارة أخرى فالمستثمرون (من البنوك وجهات التمويل المرخصة من ساما) لن يقوموا بإخراج زكاة تلك الأدوات، وهذا الأمر من شأنه أن يحفز المستثمرين على تملك أدوات الدين الأخرى (غير الحكومية).
وأضاف، ولكن إذا قررت جهات الإصدار (وفي هذه الحالة البنوك وجهات التمويل المرخصة من ساما) بإصدار أدوات دين، فهي بهذه الحالة تقوم بإخراج زكاة هذه الأوراق المالية التي تقع ضمن مصادر الأموال الخاضعة للزكاة، أي أن البنوك أصبحت مُلزمة بإخراج زكاة الصكوك والسندات التي أصدرتها ولا تزال قائمة.
أفضل الممارسات
وقال الخنيفر: يتماشى ذلك التوجه مع وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي التي كان من أهم مبادراتها معالجة المعاملة الزكوية، وطريقة الاحتساب، وكذلك ضريبة الاستقطاع الخاصة بأدوات الدين.
وأضاف: سبق وأن ذكرنا في أحد التحليلات التي نشرتها صحيفة «الجزيرة» بأنه من ضمن الأمور التي ستشجع المستثمرين على الإقبال على الصكوك هو وجود تشريعات تعالج مسألة الزكاة على أرباح هذه السندات الإسلامية، وهذه المسألة تحظى بأهمية كبرى لدى المستثمرين؛ لأنها تؤثر على نسبة ما يتحصلونه من الأرباح الدورية للصكوك (خصوصاً أن هناك توجه من الحكومة لطرح صكوك الادخار على الأفراد)، ووضعنا حينها علامات استفهام حول مسألة التأخر في معالجة هذه القضية الحيوية (أي الزكاة وضريبة الاستقطاع) التي في العادة يتم حسم أمرها في المراحل الأولى قبل بداية تطور أسواق الدين لأي دولة في العالم، وأن هناك بعض الدول من تقدم إعفاءات ضريبية من أجل تشجيع المستثمرين على تمويل العجز.
تحفيز الاستثمار بالصكوك الحكومية
وأضاف المصرفي المُتخصص بأسواق الدين والائتمان: من المتوقع أن تسهم تلك الإصلاحات الاقتصادية في تحفيز البنوك في زيادة استثماراتهم بأدوات الدين الحكومية، وهذا الأمر بدأ جليًا مع القفزة الاستثنائية في طلبات الاكتتاب للصكوك الحكومية التي تم ملاحظتها وحتى الآن منذ نوفمبر من السنة الماضية، فلو نستعين بلغة الأرقام فسنجد أن أحجام التغطية عندما تم طرح الصكوك الحكومية في 2017م كان يصل لأكثر من 3 مرات (وهذا طبيعي لكون هذا الطرح الحكومي الأول لمثل هذه الأدوات) ثم تقلصت مع توالي الإصدارات إلى مرة واحدة، ولكن مع بداية تعيين المتعاملين الأوليين في يوليو 2018م بدأنا في ملاحظة وجود ارتفاع تدريجي على طلبات الاكتتابات وهذا الأمر أدى لحدوث تغطية تصل لثلاث مرات لإصدار شهر نوفمبر، وذلك لأول مرة خلال السنة الماضية.
وأشار الخنيفر، إلى أن البنوك السعودية تعتبر من كبار المستثمرين بأدوات الدخل الثابت، وذلك في ظل المنهجية التي رسمها مكتب الدين العام بحيث يشكل الدين المحلي نسبة 65 % والخارجي 35 %، مع 10 % بالزيادة أو النقصان.