مُذ أوّلوا الوقتَ في آثارِهم قمَرًا
تدفقَ الحبُّ لحنًا عندمَا عبرَوا
قد حرَّرُوا الرٌّوحَ من هجرٍ يُحيطُ بها
وجَاهروا زمنًا بالصمتِ، ما انكسَروا
وبلَّلوا الأمسَ في أحلامهِم صورًا
ليحملوه، فضاقَ العطرُ والأثرُ
حتَى أقاموا الهَوى في صرحِه قُبَلاً
تُضئُ ذاكرةَ الأيام،ِ تَختَصِرُ
للحالمِينَ بأشواقِ الهَوى أملاً
في ضفتيه يؤوبُ الوردُ والمَطَرُ
للعاشقِينَ إذا غنَّى الهَوى ثَمِلَتْ
أرواحُهم في دروبِ الشوقِ تَنتَظِرُ
تَبرأَ القلبُ من حُزنٍ يعيثُ بهِ
وغادرَ الألمُ المنسابُ والبَشَرُ
وغادرتْ دمعةٌ من أفقِ بهجتِها
ما أرَّختْ حُزنَها، أو ضَمَّها وترُ
إلا هواكَ، أعادَ الحبَّ من سِنَةٍ
ما زلتَ أنتَ ، وهذي الروحُ والحذرُ
قد عاهدَ العشقَ في أسرارِ غربتِه
أن يغفرَ الشوقُ ما أسرَى به القدرُ
وأن يذوبَ الرِّضَا في عِطرِ قامَتِه
مُذ لفَّنا الوجدُ، أو أغرَى بنا السَهرُ
قد عمَّر القلبُ من أفراحِنا وطنًا
للحبَّ في لغةِ الأمطارِ يَنهمرُ
حتَّى أذابَ النَّوى في فجرِ قُربَتِه
وغالبَ العشقَ إذ بالصبحِ يعتذرُ
عن لوعةٍ من شجونٍ ظلَّ يرقُبها
نَهرٌ تدفقَ من آهاتِه الضَجرُ
حتَّى أعادَ الهَوى للصبحِ لهفتَه
وأعلنَ الحُبَّ ضَوءًا ظلَّ ينتَشِرُ
وأزّهرَ الوجدُ يا نجوايَ أُمنيةً
للعشقِ في كَرمةِ الأيامِ تُعتَصَرُ
قد لوَّحتْ في شَتاتِ الدَّمعِ رَاغبةً
فالحبُّ مذهبُهَا إن مَسَّها الضَررُ
فيَا البعيدُ من الوجدانِ مسكنُه
في ضفةِ الرُّوحِ، من أوصَافه القمَرُ
اخرجْ عليهنَّ في أضواءِ أسئلتِي
في منزلٍ من حنينٍ كله صورُ
وأطرِبْ الرُّوحَ مادامَ الغناءُ بها
وردِّدْ الَّلحنَ حتى يخجلَ السَّمَرُ
قد أوَّلوكَ وفي أسرابِهم ثمنٌ
للوقتِ يغفُو على أشلائه العُمُرُ
ما زلتَ يا قمرًا تعلو برقتِنا
حكايةً من فُتاتِ الشوقِ تَحْتَضَرُ
فلملمْ الوقتَ، ما عادَ البكاءُ ندىً
ولا الحنينُ بليلِ الصبرِ يأتزِرُ
واهبطْ إلينَا بوحيِ الحُبِّ نافلةً
من الحيَاةِ ، يميد الروض والزهر
- شعر/ د. مها العتيبي