د.عبد العزيز الصقعبي
إذا أردنا أن نتحدث عن الاحتفاليات الثقافية، فبكل تأكيد ستكون معارض الكتب في رأس القائمة، فمعرض الكتاب أهم مناسبة ثقافية للقارئ والمؤلف والناشر، نحن نلمس هذا في معرض الرياض الدولي للكتاب، أغلب المؤلفين يحرصون على تدشين مؤلفاتهم الجديدة في المعرض، والناشر يهمه أن يعرض أحدث إصداراته في المعرض، وكذلك القارئ الذي سيكون متلهفاً للحصول على أحدث الإصدارات.
ومن ضمن الفعاليات في المعرض، حفلات توقيع الكتب، وبالطبع، هنالك مئات من المؤلفين والمؤلفات يسعون إلى حجز وقت في منصة التوقيع، بالطبع هذا يحدث في معارض الكتب في العالم العربي غالباً، بسبب عدم وجود مكتبات كبرى تخصص لقاءات للتوقيع والالتقاء بالمؤلفين. نأتي لحركة النشر في المملكة ومعرض الكتاب، لدينا دور نشر تجارية، ولدينا أيضاً مؤسسات حكومية تنشر، ربما من أبرزها الأندية الأدبية؛ دور النشر المحلية ليس لديهم وسيلة للتواصل مع القراء مباشرة وعرض ما لديهم من جديد إلا المعرض، لذا فهم ينتظرون هذا المعرض وبالطبع معرض جدة، وكذلك القصيم، وفي أمل أن يضاف لتلك المعارض الداخلية معرض المنطقة الشرقية، لعرض ما لديهم من إصدارات حديثة، لكون منافذ بيع الكتب في مدن وقرى المملكة محدودة، فلا نجد إلا مساحات محدودة في بعض المكتبات التجارية، مع الاعتماد عبر التسويق الإلكتروني، من خلال منصات بيع الكتب الإلكترونية.
نأتي لإصدارات المؤسسات الثقافية، هنالك مؤسسات لديها نشر متخصص ويمكن الحصول على إصداراتها بالتواصل معها مثل مكتبة الملك فهد الوطنية، ودارة الملك عبد العزيز، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وبصورة أوسع المجلة العربية، وإلى حد ما الفيصل حالياً، إضافة إلى بعض المؤسسات الأخرى، وكذلك لا نغفل الجامعات التي لدى أغلبها حركة نشر مهمة.
من ضمن المؤسسات الثقافية، وحديثي سينصب حول حركة النشر بها، الأندية الأدبية، نحن نتابع في هذه الأيام مجموعة من الأخبار عن إصدارات الأندية الأدبية، حيث أن بعض الأندية سيدشن أكثر من ثلاثين إصداراً في معرض الكتاب، وهذا شيء رائع، وهذا يعني أن الأندية الأدبية ستقدم للمكتبة السعودية مع معرض الرياض الدولي للكتاب ما يربو عن مائتي أو ثلاثمائة كتاب جديد مع المعرض، وهذا أمر جيد، ولكن حين نرجع لعرضها في معرض الرياض للكتاب في السنوات السابقة، نجد أن جميع الأندية الأدبية جمعت في جناح صغير واحد مما يجعل العرض للإصدارات الجديدة سيئاً، فلا يعرف ما هو الحديث من القديم، وهذا العام لا أدري كل سيكون الوضع كما هو، حيث أني أكتب هذا المقال قبل بداية المعرض، ولكن، لنفترض أن كل نادي أخذ جناحا مستقلا، وأبرز إصداراته الحديثة، هل سيكون الإقبال عليها كبيراً، أعتقد أن أغلب مرتادي المعرض سيتوجهون أولاً إلى دور النشر العربية الكبيرة، والتي لا يمكن الحصول على إصداراتها إلا في المعرض، ثم يتم التوجه لبقية دور النشر العربية المشاركة لمعرفة ما هو الجديد، وبعد ذلك سيتم زيارة دور النشر السعودية و أجنحة الأندية والمؤسسات الثقافية. لنتخيل أن محب للقراءة قادم من أقصى الشمال كمثال، متوجهاً للمعرض، هنالك بكل تأكيد أولويات، وغالباً الأولويات خارج نطاق دور النشر والمؤسسات الثقافية المحلية.
هنالك إصدارات جيدة ومتميزة للأندية الأدبية، والتوجه للنشر المشترك مع دور نشر عربية كبيرة، حقق تميزاً في طباعة وإخراج الكتاب، لكن أليس من الأفضل أن تتبنى الأندية الأدبية، إذا واصلت مسيرتها كما هي دون تحديث، ألا تتبنى إقامة معارض مصغرة لجميع إصدارات الأندية، تباع بأسعار رمزية، ليتمكن الزائر لهذا المعرض في مقر النادي بالرياض من شراء إصدارات نادي نجران الأدبي كمثال، وكذلك الأمر في بقية مدن المملكة التي يوجد بها أندية أدبية.
أنا لا أرفض مشاركة الأندية الأدبية للمعرض، ولكن في ظل سوء التوزيع في المملكة، أتمنى أن تتبنى تلك الأندية إيجاد قاعات في مقراتها لتسويق الكتب على مدار العام، بالطبع كتب الأندية الأدبية، أو كما أسلفت إقامة معارض كتب مصغرة لإصدارات الأندية الأدبية.
معرض الرياض الدولي للكتاب، كما سمعت، سيكون مختلفاً في الأعوام المقبلة، لذا، نحن في شوق لمعرض الكتاب في أي صورة يأتي فيها هذا العام، ولدينا طموح بأن في العام المقبل، 2020م سيكون هنالك شيء مختلف، أتمنى أن يكون التخطيط له من آخر يوم لمعرض هذا العام.