د. حسن بن فهد الهويمل
عندما وصفت المشهد النقدي بالمتردية، والنطيحة، امتعض البعض، وتصوروني خارج نطاق المساءلة، وأن قولي فصل الخطاب، وأنني أتنصل من المسؤولية. وهذا تسرع في الأحكام، وتقويلي ما لم أقل.
ما أقوله من باب محاسبة النفس، واستنهاض الهمم، والعصف الذهني.
وكيف يتأتى الضيق من التناصح، والإنذار، والله يقول لنبيه: {اتَّقِ اللَّهَ}.
وما أنا في المتردية إلا كـ(النذير العريان).
فالعرب حين يدهمها العدو، يقبل عليها أحد أبنائها منذرًا، محذرًا، وقد تعرى من ملابسه، لإشعارهم بأن الأمر جلل، وغير قابل للتسويف، والمراجعة.
مشاهدنا كافة بحاجة إلى المراجعة، والمحاسبة، والتقويم، وإعادة ترتيب الأوراق، والألويات.
ومن بين ذلك: أدبنا، ونقدنا، لأنهما مختطفان: نظرية، ومنهجًا.
يُقْرآن بعيون زائغة.
ويسمعان بآذان زائفة.
ويكتبان بأقلام مستعجمة.
فلا المستغربون على الصراط المستقيم، ولا العروبيون على بينة من الأمر.
ولا المبدعون متمكنون من لغتهم، وآدابها.
ذلكم بعض ما حملني على اجتراح العصف الذهني.
نحن معًا على ظهر السفينة، فإياكم خرقها.
لكم أن تقرؤوا ما تحت السطور، وأن تتأولوا ما شاء لكم التأويل. ولكن حذار أن تقَوِّلوني ما لم أقل.
الحركة النقدية يتنازعها المبتعثون الذين تحكمهم لغة الابتعاث. والتراثيون الذين يفرون من الاستغراب فرارهم من الأسد، والذواقون الانطباعيون الذين لا يعرفون آلة، ولا منهجًا.
إنه مشهد كـ (ملاعبِ جِنَّةٍ).