في التسعينيات الميلادية وتحديدًا في صناعة السينما الهندية، لمع نجم الممثلة “سونالي بيندري”.
حيث اشتهرت بمظهرها الأنثوي ولعبت الكثير من الأدوار التي جسدت فيها الفتاة الهادئة البريئة والساذجة أحيانًا.
لم تكن من نجمات الصف الأول أو الأعلى أجرًا، ولم تحصد الجوائز، ثم إنها اعتزلت التمثيل بعد زواجها وإنجابها لطفلها الوحيد واكتفت بالحضور في المحافل الفنية وتحكيم برامج الهواة.
وبعد طفرة السوشيال ميديا كان لها حضور لافت عبر حسابها الإنستغرامي، حيث ظهر منها جانب لم تستطع إيصاله عبر التمثيل، ألا وهو الجانب المثقف والناضج فيها، وكمتابعة قديمة لهذه الصناعة لم أتخيل في يوم أن تلك الفتاة الساذجة كما بدت لي عبر أفلامها أو حتى لقاءاتها التلفزيونية تحمل هذا الكم من الوعي والثقافة، هي قارئة نهمة وصاحبة مبادرات قرائية واسعة الانتشار على مستوى الهند.
منذ عام تقريبًا أعلنت سونالي إصابتها بالسرطان من الدرجة الرابعة، وهو الخبر الذي صدم معجبيها، لكنها لم تكتفِ بالإعلان بل شاركت المتابعين رحلتها القتالية مع هذا المرض اللعين، اعتدنا الشجاعة من محاربي هذا المرض وكأن الله يختارهم ليظهر للبقية مدى قوتهم في مواجهته.
لكن المفاجأة لدي كانت في انطباعي القديم والخاطئ عنها، فصورها وتوثيقها لتلك الرحلة المؤلمة إلى نيويورك حيث خضعت لجراحة دقيقة لاستئصال الورم وجلسات العلاج الكيميائي، بل إنها قد وثقت عملية حلقها لشعرها، وهي التي لم تظهر قط بالشعر القصير، ثم أعقبت ذلك بالكثير من الصور التي أظهرتها مبتسمة تمارس ما اعتادت عليه بتفاؤل مُلهم. مؤخرًا وتزامنًا مع اليوم العالمي للمرأة، نشرت صورة لها تظهر بطنها عارية وقد بدا جرح العملية الذي شق طريقًا طويلة وواضحة فيه -وكلنا نعلم بأن بطن الجميلة من أهم علامات الجمال التي تُباهي بها المرأة الهندية- كما ظهرت بشعرها الذي بالكاد عاد للنمو مجددًا ولم يلفتني ذلك كله كما فعلت ابتسامتها الساحرة.
هي أرادت أن تثبت أن جمال المرأة يكتمل بقوتها وأن الجسد مهما تأذى فجمال الروح لا ينضب.
ما قامت به هو رسالة لكل أنثى يتملكها الخوف في هذه الحياة أو تشعر بضعفها وترى القوة منافية لأنوثتها بأن تعيد تقييمها للهبة التي باركها الخالق بها. فكونك أنثى هي مُباركة حقيقية من الله لك، ومسؤولية أُلقيت على عاتقك. فالأنوثة ليست نظيرًا للضعف بل للقوة والصبر والقتال. والقتال الحقيقي ليس بحمل السيف بل بمواجهة الحياة ومصاعبها بابتسامة ورضا وجَلَد على تحدياتها. سونالي هي نموذج للمرأة القوية التي حولتها القراءة من فتاةٍ ساذجة إلى امرأة ناضجة واعية مدركة لنقاط القوة فيها، حينما وُضعت على المِحك ظهرت قوتها، فهل نحن مضطرون لانتظار المنعطف الخطر حتى تظهر قوتنا؟ وهل القوة هي نتاج التجارب فقط؟
- مخرج:
تُرى كم من سونالي بيننا؟
** **
- حنان القعود
@hananauthor