سمر المقرن
لا أميل مُطلقاً إلى لغة الاستفزاز في كل سلوكيات الحياة، وأعتبر من يُمارس هذا السلوك هو شخصاً واهي الخطاب ولا قيمة له، ويستمتع بردود الأفعال القائمة على حجة ضعيفة. وحديثي هنا لا يخص الجانب الإيجابي من عملية الاستفزاز التي تدعو إلى المنافسة والتحفيز أو حتى في العلاقات العاطفية ما تخلق أجواء الإثارة اللذيذة. إنما حديثي عن اللغة المستفزة سواء في المطالبة بأمر ما، أو بعرض رأي لا يهدف إلا إلى الاستفزاز، ولا ينبني على أفكار وآليات لتحقيق أهداف محددة عدا الاستفزاز لأهداف سخيفة أو رخيصة من بينها أحياناً طلب الشهرة!
في وارد الحديث عن الاستفزاز، لو استعرضت عدداً من القضايا التي كانت مثاراً للجدل والنقاش على مدى سنوات أو أشهر داخل الأوساط المجتمعية، فأشير مثلاً إلى قضية قيادة المرأة للسيارة والتي انتهت وحُسمت، لكنني أتحدث عنها كمثال على الأساليب المختلفة التي كانت تنادي بهذا الحق الذي أصبح متاحاً اليوم. فكانت الأصوات العقلانية هي التي تبحث عن النتيجة وتطمح إلى تحقيق هذا الهدف المشروع بلغة مهذّبة تحترم نفسها أولاً قبل كل شيء، وهذه الأصوات هي الثابتة والمستمرة في عدد كبير من القضايا الأخرى. أما الجهة الأخرى فكانت مجرد أصوات وسلوكيات مستفزة، لا تطمح إلى تحقيق هذا الهدف إنما هدفها الأساسي هو الضجيج لأجل الضجيج فقط، وهذه الأصوات اندثرت وانتهت في أدراج النظرة المجتمعية التي تُميز وتدرك بين الصح والخطأ، فليس لهذه الأصوات قبول ولا حيز من الفضاء التنموي، لأن هذا كلّه لم يكن ضمن أجندة أهدافها.
أسوق هذا المثال بنظرة خاطفة دون أن أتعمّق في كثير من التفاصيل الاستفزازية التي تبني أهدافها على الهدم لا البناء، إنما هو توضيح لحالة الاستفزاز ونتائجها غير المقبولة لدى معظم الشرائح المجتمعية.
متأكدة من أن كل من يستخدم لغة استفزازية لديه حالة من اهتزاز الثقة بالنفس، يشعر أثناء ترويج هذه اللغة بردم فجوة الضعف، وهذا يجعله لا يتوانى عن استخدام أساليب غير أخلاقية كترويج الكذب أو اختلاق قصص ووقائع وهمية تُشبع الجوانب الضعيفة في شخصيته، وتدعم أفكاره الاستفزازية.
الحياة جميلة جداً بالخط المتوازن، الذي يدعم الجانب الإيجابي فيها ويطفئ كل ما من يجلب السلبية على مساحاته، والأفكار أياً كان اختلافها ومنطقيتها ممتعة جداً بلا استفزاز!