هالة الناصر
إن الاختلاف بين أداء مسؤول وآخر، يرجع غالباً إلى إيمان كل منهما بدوره وبالمسؤولية الملقاة على عاتقه وبإحساسه بعظم المهمة المنوطة به، كما يرجع أيضاً إلى طريقة فهمه لمعنى المسؤولية ومعنى أن يتولى منصباً رسمياً، فكلما شعر المسؤول واستوعب دوره ومسؤولياته وكلما وعى معنى المنصب الرسمي، كلما كان أداؤه فعالاً ومنجزاً ومحققاً للغرض الذي تسعى من أجله مؤسسته، وهذا ما نراه يتجسد حالياً في أداء القائمين على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة»، فعبر فكرة مختلفة، قرر مسؤولو الهيئة نشر ثقافة مكافحة الفساد بين الأجيال الشابة وزرع قيم المحافظة على الممتلكات العامة ونبذ ممارسات الفساد والتصدي لها.. ولكن آليتهم في تنفيذ هذا المسعى كانت مختلفة، حيث تجسدت تلك الآلية في مسابقة للطلاب والطالبات بمؤسسات التعليم العالي والكليات العسكرية ومؤسسة التعليم التقني والتدريب المهني، وتمثلت في إعداد فيلم يهدف إلى إحداث أثر توعوي من خلال تعزيز قيم النزاهة.
تلك الفكرة التي تأتي خارج الصندوق، وخارج التفكير التقليدي، تعد مثالاً على وعي مسؤولي الهيئة بدورهم وبمسؤوليتهم، وتكشف أن القائمين على هذه المؤسسات ليسوا مجرد «موظفين» يؤدون عملاً محدداً مقابل راتب، بل هم أصحاب رسالة، يعرفون هدفهم ويعرفون كيف يصلون إليه.
«نزاهة» بدأت مسيرة توعية الشباب الذي يعد عماد الأمة ومستقبلها، قبل فترة، عندما أطلقت أنديتها في المؤسسات التعليمية، والتي سعت من خلالها لتكوين وعي عام لدى الطلاب والطالبات بقيم النزاهة عبر الممارسات الإيجابية، بهدف خلق جيل مشبع بقيم نبذ الفساد والتصدي له، طريقة تفكير مسؤولي نزاهة وتعاطيهم مع مهامهم ودور مؤسستهم، هو مثال يجب أن يتعلم منه الجميع في مختلف المؤسسات الرسمية.. فكما تسعى «نزاهة» لزرع قيم التصدي للفساد، نحتاج نحن أيضاً أن نزرع في مؤسساتنا قيم الإخلاص والابتكار والإيمان بمسؤولياتنا، نحتاج أن نغير تفكير المسؤولين ونمط فهمهم للإدارة والقيادة ووعيهم بمصطلح الموظف العام، وعلى الجميع أن يعي أن التاريخ لا ينسى، فبعد سنوات، سيذكر التاريخ كيف كان مسؤولو نزاهة يحققون رسالتهم على أكمل وجه، بينما كان غيرهم في ثبات عميق لا يكاد يبرح مكانه غير مدرك أن هناك رسالة يجب أن يؤديها وأن هناك تاريخ سيحاسبه يوماً ما.