محمد شومان
يبدو أن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا بعدما شهدت استقراراً ملحوظاً بعد عقوبات ترمب الاقتصادية التي انتهت بالإفراج عن القس الأمريكي الذي كان محتجزاً علي ذمة قضايا تتعلّق بالتخابر وموافقة الولايات المتحدة على بيع صواريخ باتريوت بقيمة 3.5 مليارات دولار لتركيا تأخذ منحدراً جديداً يؤشر على أزمة إستراتيجية جديدة بين البلدين بسبب إصرار الأخيرة «تركيا» على شراء منظومة اس 400 الروسية وهو إصرار يقابل بتهديدات أمريكية لجوار الناتو بإلغاء صفقات الأسلحة سواء الطائرات f35 أو صواريخ الباتريوت.
الرئيس التركي أكد مضي بلاده في شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية المضادة للطائرات والصواريخ البالستية «إس-400»، رداً على ضغوط مارستها واشنطن لمنع إتمام صفقة الصواريخ هذه التي تنافس نظيرتها الأمريكية منظومة باتريوت وفي مقابلة مع قناة «كانال 24» التلفزيونية التركية قال «في ما يتعلّق بمنظومة إس-400، الصفقة تمت. من غير الوارد الرجوع إلى الوراء (...) وربما بعد إس-400 سننتقل إلى إس-500».
الإصرار التركي «الظاهر» على إتمام الصفقة التي من المقرّر أن تتسلّم الدفعة الأولى منها خلال أشهر قليلة قادمة تسبب في تصاعد لهجة التهديد من قبل الولايات المتحدة كانت آخرها من وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» التي هدَّدت تركيا بعواقب وخيمة إذا لم تتخل عن عزمها شراء منظومات الدفاع الجوي الروسية «إس-400 ونقلت صحيفة «ديفينس نيوز» عن المتحدث باسم البنتاغون تشارلي سامرز قوله: «إذا حصلت تركيا على منظومة إس 400 ستواجه عواقب وخيمة من ناحية علاقتنا في المجال العسكري و(صواريخ) باتريوت، ومقاتلات إف -35».
كذلك كان الحلف جانب كبير من الأزمة التي وفقاً لصحيفة التايمز هي الأعنف في تاريخ الناتو مع تركيا التي طالما كانت رجلاً غريباً في الناتو وفقاً للصحيفة، كما نقلت وسائل إعلام دولية رسائل تحذير من قائد القيادة الأوروبية الأمريكية لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، كريس سكاباروتي، لتركيا من شراء صواريخ «إس-400» من روسيا وأن المنظومة الروسية لا يمكن أن تعمل مع المنظومات الموجودة لدى الحلف ولا في منطقة الدفاع الجوي التابعة للناتو، لافتاً إلى أن ذلك يمثّل المشكلة الأولى.
من الممكن القول إن تركيا الآن أصبحت أمام خيارين بسبب هذا الإصرار الحفاظ على العلاقة الجيدة مع روسيا التي وصفها الرئيس رجب طيب أردوغان في إحدى المرات بأن «أشكال التضامن بين تركيا وروسيا تثير حسد البعض» ما يعني استمرار التعاون الجيد بين البلدين في سوريا وكانت آخر ثمار هذا التعاون اتفاق إدلب وكذلك استمرار العلاقات الاقتصادية بين البلدين والتي تخطت الخمسين مليار دولار وقد تقترب مستقبلاً إلى مائة مليار دولار.
وفي المقابل يكون عدم التخلي عن الصفقة يعني مواجهة عقوبات أمريكية ساحقة قد تؤدي إلى انهيار الليرة التركية خاصة بعد أن أنهت واشنطن برنامج نظام الأفضليات التجاري الذي يسمح بإعفاء تركيا من الرسوم الجمركية فيما يتعلّق بنحو ألفي منتج من المنتجات الصناعية والمنسوجات الواردة إلى الولايات المتحدة، وقالت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان إن بلادها ستدفع رسوماً جمركية إضافية بقيمة 63 مليون دولار بعد أن تُنهي الولايات المتحدة نظاماً تفضيلياً للتجارة مع أنقرة ناهيك طبعاً عن التهديدات بإلغاء صفقات الأسلحة.
أيضاً يبقي دعم المليشيات الكردية خاصة وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية وسيلة ضغط كبيرة على الجانب التركي من قبل الولايات المتحدة خصوصاً مع تجديد زير الدفاع التركي، خلوصي أكار، مطالبة واشنطن بسحب الأسلحة من تنظيم «وحدات حماية الشعب» و»حزب العمال الكردستاني»، وإخراج عناصرهما والمقاتلين من منطقة منبج تمهيداً لتسليم إدارتها لأهلها.