سلمان بن محمد العُمري
الأمن الاجتماعي والمحافظة عليه، من أهم المقاصد، وأعظم الغايات التي تسعى إلى تحقيقها كل الشعوب والأمم، وتعزيز وحدة الشعوب، وتقوية أواصر الترابط بينها، لما يعود على الجميع أفراداً وجماعات من الفوائد الكبيرة، وديننا الإسلامي يولي هذا الموضوع عناية فائقة، واهتماماً بالغاً، فقد جعل رابطة الأخوة الدينية أعظم من رابطة النسب، كما قال تعالى -: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (10) سورة الحجرات، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) وقال -عليه السلام-: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
إن أهم المظاهر الاجتماعية للأخوة الدينية التي يغرسها الإسلام في نفوس المسلمين: الإيثار، وتقديم أخيه المسلم على نفسه، كما قال -تعالى-: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)، والإعانة باللسان، من خلال الشفاعات الحسنة، والأمر بالمعروف، وقول الخير، والكف عن الشر، والدعاء لهم بالخير، والتبسم في وجوه الآخرين، وتقديم العون لهم إلى غير ذلك، ولشدة العناية بالأمن الاجتماعي، وعظيم حرص الإسلام عليه، فإنه حرم كل ما يضعف النسيج الاجتماعي، أو ينال من قوته، أو يثير العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع، فحرم الكذب، والغش، والغيبة، والنميمة، والشك وسوء الظن، والتناجش، وإفساد ذات البين، والبيع على بيع الآخر، والخطبة على خطبته، وكل ما يخدش مروءة الإنسان وحياءه. والأدلة كثيرة. وكل ذلك من أجل تقوية نسيج الأمة وحمايته من التنازع والشتات؛ لأن الجبهة الداخلية إذا كانت قوية اللحمة فإنها تقف ضد كل محاولات الأعداء، كسد منيع أمام رياح الإفساد الخارجية وعوامل الهدم الداخلية، من الغلو، والتطرف، والانحلال الأخلاقي، ومحاربة القيم والمبادئ، وبذلك تتحقق فائدتان عظيمتان:
الفائدة الأولى: المحافظة على المكتسبات الدينية، والوطنية.
الفائدة الثانية: المساهمة الفاعلة من جميع شرائح المجتمع في تنمية البلاد وتطويرها، والرقي بها، وتفرغ المسؤولين إلى المهام الكبرى، مما يعود على البلاد والعباد بالمصلحة في الدين والدنيا.
ولا خلاف على الأهمية العظيمة للأمن الاجتماعي وأن المسؤولية على تحقيقه والمحافظة عليه، تقع على عاتق الجميع كل فرد بحسبه من دون استثناء، فيتحمل جزءاً منها: البيت، والأسرة، والمسجد، والمدرسة، والجامعة، والإعلام ويتحمل الجزء الآخر المؤسسات الخاصة، ومؤسسات الدولة العامة من الوزارات، والهيئات الحكومية.
أسأل المولى -عز وجل- أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، ويوفق الجميع إلى تحقيق المعاني السامية للأخوة الدينية، والوطنية، والاجتماعية.