د. محمد بن صالح الحربي
اتبعت الجمهورية الإيرانية أسلوبا بدائيا، راسخا في نهجها وتعاملاتها السياسية على الصعيدين الدولي والإقليمي، منذ أربعة عقود, ألا وهو اللعب على المتناقضات؟.
فمنذ (أزمة الرهائن الأمريكيين) في نوفمبر 1979 بعد هجوم الطلبة الثوريين على السفارة الأمريكية في طهران، واحتجازهم 52 دبلوماسيا ومدنيا لمدة 444 يوما، بدعم وتأييد المرشد الأعلى الخميني وبحجة المطالبة بتسليم الشاه إلى إيران, فقد زعم الإيرانيون أنهم حققوا نجاحا سياسيا في إدارة الأزمة آنذاك, وذلك بعد توقيع اتفاقية الجزائر في يناير 1981، وبدقائق قليلة من أداء الرئيس رونالد ريغان اليمين لرئاسة الولايات المتحدة وهزيمة كارتر في الانتخابات الرئاسية آنذاك، مما فسره بعض المحللين السياسيين، أن الأزمة كانت سببا في هزيمة الرئيس جيمي كارتر ومعززة في نفس الوقت موقف الخميني.
من هنا، انطلق الإيرانيون في سياسة المحاور وتصدير الأزمات واستغلال الأحداث السياسية واللعب على كسب الوقت في أي مفاوضات يقومون بها، وذلك لإشغال الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي والحصول على مكاسب يعتقدون أنهم ينجحون بها وهدفها استمرارية زخم ثورتهم المزعومة وضمان بقائهم في السلطة....
وبالإشارة إلى، حادثة الهجوم على السفارة السعودية بطهران وقنصليتها بمشهد في 2 يناير 2016، فقد استمرت إيران في اتباع سياسة التسويف والمماطلة........ ومنها ما ورد في الإعلام موخرا عن تراجع المتهم بتدبير الهجوم (حسن كرديميهن) عن اعترافاته السابقة وإنكاره الضلوع في التحريض وتدبير العملية، الجدير بالذكر, أن (كرد ميهن) هو أحد رجالات الدين (رئيس ميليشيات أنصار حزب الله) جنوب العاصمة طهران والذين يقودون جماعات ضغط داعمة لسياسات المرشد الأعلى خامنئي..
نستطيع القول، إن الآلية والأسلوب في تلك الأزمات المفتعلة في الحقيقة، ما هو إلا، تبادل وتوزيع الأدوار، بين رئاسة الحكومة، الحرس الثوري, قوات الباسيج والاستخبارات، ومرجعهم النهائي هو مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي.
يظهر ذلك جليا وواضحا، تارة في الأحكام القضائية المتناقضة بحق المتهمين، سواء بالقبض على مجموعات وإطلاق سراحهم تدريجيا بسبب عدم كفاية وقوة الأدلة المتعمد إضعافها...
وتارة أخرى، في تصريحات الحكومة وممثليها ومنهم وزير الخارجية الإيراني والذي ذكر في أحد تصريحاته الشهيرة, بعد أزمة الهجوم على السفارة السعودية وقنصليتها بمشهد، (أن المهاجمين يتصفون بالغباء والخيانة والحماقة التاريخية) وأن ذلك يكشف عن سوء الإدارة في إيران...
وهذا ما يتناقض مع، مايتناقله الإعلام الإيراني المقرب من المرشد الأعلى من تبرير ودعم ظاهر لمن قام بذلك الهجوم..
وأخيرا نستطيع القول، إن ذلك يمثل سياسة النظام الإيراني ونهجه الذي دأب عليه، مدى 39 عامًا، بعيد، كل البعد، عن الإدارة السياسية الحكيمة، ومتجاهلة اتخاذ إجراءات تضمن للدول كافة حقوقها الدبلوماسية وفقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية وأحكام القانون الدولي، وما هي إلا سياسة اللعب على التناقضات.