زكية إبراهيم الحجي
نعم أنا مختلف.. لكنني لستُ بأقل من غيري.. هكذا قال طفل في السادسة من عمره على لسان والدته الطبيبة التي جمعتني بها إحدى المناسبات الاجتماعية.. أمٌ أسهبت في الحديث عن معاناتها مع طفلها المصاب بالطيف الغامض «التوحد» ولا شك بأنها ليست الوحيدة التي تكابد وتعاني بل هناك الكثير من الأمهات ممن أصيب أحد أطفالهن بطيف التوحد ويعانين جراء الصعوبات التي تواجه تأهيلهم من حيث توفر المراكز المتخصصة لمرضى التوحد.. وحتى وإن وجِدت فهي لا تتجاوز عدد أصابع اليد على الرغم من اتساع رقعة المملكة العربية كما أنها ليست على المستوى المأمول من حيث قلة توفر كوادر متخصصة تُعنى بمرضى التوحد.. وتعمل على فرد برامج خاصة ومتجددة لتأهيل هذه الفئة عبر العلاج السلوكي والبناء التعليمي والعلاج الطبي والوظيفي.. والرعاية الاجتماعية لهم وتدريب أسرهم لتتمكن من تطوير مهارات أطفالهم وتوجيهها بما يعود عليهم بالفائدة سواء على مستوى العلاقات الأسرية من حيث التواصل أو على صعيد الأنشطة الوظيفية لمن يتمتع بنسب عالية من الذكاء.
ومما لا شك فيه أن الاهتمام بمرضى التوحد هو ضرورة من ضروريات الأسرة والمجتمع كون هذا الطيف الغامض يتسم بعلامات غريبة كضعف التواصل الإدراكي والاجتماعي والتفاوت في نسبة الحركة والوحدة المفرطة والعيش في الخيال دون الاندماج مع الغير مما ينجم عن ذلك مشاكل في التأقلم مع البيئة المحيطة والمجتمع الذي يعيش فيه خاصة عندما يصل مريض التوحد إلى مرحلة الشباب.
وانطلاقاً من أهمية الاهتمام بهذه الفئة ومساعدة أسرهم لتخطي الصعوبات التي تقف حائلاً أمام تأهيلهم التأهيل الذي يعزز ثقتهم بذواتهم والاعتماد على أنفسهم أجد أننا في المملكة العربية السعودية بحاجة إلى عدد غير محدود من مراكز متخصصة لتأهيل مرضى التوحد ولا يقتصر وجودها في المدن الكبرى فقط بل في جميع مناطق الوطن وأن تكون هناك قيادة تعاونية مشتركة مؤلفة من وزارة الصحة والتعليم والخدمة الاجتماعية وهيئة الرياضة مع دمج عنصر التوجيه للتصدي لما يطرأ من مخاوف تتعلق بمرض التوحد وذلك لتحسين وتطوير الخدمات التي يتلقاها مريض التوحد طوال حياته.
حقيقة نحن بحاجة إلى اعتماد مقاربة متعددة المراحل لتعزيز القدرة على تقديم الخدمات للأطفال الذين يعانون من التوحد ومن ذلك على سبيل المثال الاستعانة بالمتخصصين ذوي الخبرة العملية بهدف تطوير الخدمات المطلوبة والمستندة على أدلة علمية وذلك لتدريب الآباء والأمهات على الطرق السليمة التي تمكنهم من مساعدة أطفالهم لشق طريقهم في الحياة..
ختاماً وعلى لسان كل أطفال التوحد أقول «قبل أن تنظر إلى ضعفي انظر إلى قوتي».