شريفة الشملان
مر 8 آذار (مارس) يوم المرأة العالمي، وهو يوم بدأت العاملات في 1908 بمسيرة شقت نيويورك، كانت المطالبات بالمساواة في الأجر مع الرجال، وبتخفيف العمل وأيضاً بتحسين ببيئة العمل، مطالبات إنسانية بحتة.
وهكذا كان البداية، ومنها استمرت المرأة وحكاياتها التي لا تنتهي، وكلما مشت خطوة رأت أن الطريق طويل موحش أحياناً منير أحياناً وشائك في غالبه، لذا الطريق طويل وممل عندما تسيره المرأة وحدها لكن حمداً لله هناك رجال يساندون ويعاضدون فطريق الاثنين حتماً أقصر.
عندما كان العالم يحتفل بيوم المرأة العالمي. كان يوماً لمن استطعن الجلوس والخطابة لمن وصلن، ولكن هناك سيدات وأطفالاً وعجزة تلتهم الأشواك والألغام أرجلهم وأجسادهم، كانت الأجساد هنا وهناك تتراص، تتراكض إما هاربة من الويلات، أو باحثة عن قطيرات ماء أو لقيمات مما تنثره وكلات الغوث أو مما ترميه طائرات ممن يضربون بالقنانل تارات كثيرة ويرمون بعض لقيمات أحياناً.
نشرات الأخبار موجعة مؤلمة كئيبة تجلب الهم والحزن، فإما أن نهرب بإغلاق أعيننا عندما نرى تلك الأخبار من ألم، لكننا حتماً لا نستطيع أن نغلق قلوبنا ولا ضمائرنا فنقف أمام شعورنا بالعجز نستغيث بالواحد الأحد.
يوم الجمعة الماضي كان اليوم العالمي للمرأة.. النار لم تعد خفيفة هنا ليست ناراً للرغيف ولا لقدر الطعام، النار تنتشر في كل مكان، ودائماً ضحيتها النساء والأطفال فتخلق مرضى وعجزة ومشوهين أجساداً وأرواحاً.
يوم المرأة العالمي الحقيقي أن يتحقق العدل والمساواة بين البشر جميعاً، أن تقيم النساء في بيوتهم ولمة الأسرة من حولهن.
يوم المرأة عالم يجد الإنسان بيتاً وفراشاً ولقمة عيش مغموسة بتعب من عمله، أطفال لهم مدارس تليق بهم وتعليم قائم على الحب والتعاون نعلم ولكن لا نلقن.
مساحات خضراء ومراكز أحياء جميلة. إعلام ينثر الحب والسعادة لا إعلام ينادي بالويل والثبور وعظائم الأمور.
لنتصور كل تلك المليارات التي تصرف على الحروب وتأجيجها وعلى تلك الدروب المؤدية للموت تصرف لتنظيم الحياة ولسعادة البشر أجمعين.
يقول فرويد عالم النفس (التعيس الذي بلا حب ولا عمل). ترى كم هم تعساء العالم ممن فقدوا أسرهم وأعمالهم وهجروا طوعاً أو قسراً.
عيد النساء الحقيقي ألا يبقى أطفال بلا كراسي للدارسة، وأن يجد المريض طبيباً وسريراً في المستشفى عند الحاجة، أن تجد المرأة المطلقة والأرملة نفقتها فوراً، عيد النساء أن تكون المرأة صاحبة قرارها.
يومنا ألا يحترق شجر من الحروب، ولكن تتوالد الفسائل وتكثر الخضرة، ويكون لكل فم لقمته، العيد الحقيقي لنا النساء أن تكون هناك طرق آمنة، فلا تحترق القلوب لأب لم يعد، وشاب يفقد حياته وتفقد معه الدولة ما صرفت عليه.
عيد المرأة الحقيقي أن لكل حقه ولكل حقه بالحياة الكريمة، والخطوط واضحة لا تمتزج ولا تتصادم إنما يد بيد من أجل الإنتاج والعمل والرقي..
أخيراً:
لقد عملت في تأسيس مكتب حقوق الإنسان بالشرقية لثلاث سنوات بكل صدق، أوجه تحية خالصة للأستاذ الكبير تركي خالد السديري الوزير المؤسس، كم كان شجاعاً ومشجعاً، مسانداً صاحب رأي وبعيد النظر، منحنا فرصاً جميلة لنشر ثقافة حقوق الإنسان للجميع وللمرأة خاصة، بما في ذلك إقامة الندوات والأمسيات الخاصة، كما أشكر وأحيي وأقدر الدكتور بندر العيبان الرئيس الحالي لحقوق الإنسان مع رسالة أمل صادقة فضلاً: أمر بإزالة الغبار عن مكاتب حقوق الإنسان.
وأختم مقالي هذا بحديثين لنبينا المصطفى عليه صلاة الله وسلامه، القائل (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم)، وأوصى بالنساء (استوصوا بالنساء خيراً).