فضل بن سعد البوعينين
في تصريحات صحفية خلال زيارته التفقدية لمدينة الجبيل الصناعية، أكد وزير الطاقة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية المهندس خالد الفالح أن «الصناعة ستشهد مزيدًا من الاستثمارات قريبًا، وسيتم تحفيز مناطق الصناعات التحويلية في (صدارة) و(ساتورب)، وأن هناك تفكيرًا لتوسعات في الصناعات التحويلية لدى الشركتين، تضاهي في حجمها المرحلة الأولى لكل شركة».
الأكيد أن ملفات الزيارة كانت ثرية ومتنوعة؛ وظهر ذلك من خلال تصريحاته المكثفة التي غطت الجوانب الاستراتيجية والاستثمارية والتنموية والتشغيلية ذات العلاقة بالصناعة على وجه الخصوص، غير أنها خلت من أهم الملفات التي تلامس حاجة المواطنين، والمستثمرين، وسكان محافظة الجبيل، البيئة الحاضنة للمشروعات الصناعية الكبرى في المدينتين الصناعيتين.
ومن أهم تلك الملفات الواجب فتحها ومراجعتها ملف حماية البيئة، وشركات المعالجة والرقابة البيئية. وهو الملف الذي لم يخلُ يومًا من مخالفات وغرامات مالية كبيرة، تؤكد وجود الخلل الإجرائي والرقابي في التعامل مع أكثر الملفات خطورة وتأثيرًا على صحة الإنسان وسلامة البيئة.
التوسع الإنتاجي الكبير في منطقتين محدودتَي المساحة يشكّل خطرًا بيئيًّا، لا يمكن تجاهله، خاصة مع الخطط المستقبلية لـ(صدارة) و(ساتورب)، والشركات الصناعية الأخرى، ومعامل الغاز الكبرى؛ وهو ما يستوجب مراجعة الوضع الحالي والمستقبلي لصناعة البتروكيماويات والتكرير، وأثرها المباشر على البيئة.
أعتقد أن عدد شركات المعالجة الحالية لا يتناسب مع حجم المخلفات الصناعية الخطرة، كما أن آلية مناولاتها ما زالت بدائية مقارنة بالمعايير الدولية، وبخاصة ما يتعلق بمحيط مناولة المخلفات الذي يستوجب أن يكون ضمن المدينة الصناعية، والمراقبة الإلكترونية، والرصد التقني لصهاريج النقل.
ملف المسؤولية الاجتماعية للقطاع الصناعي من الملفات المهمة والمنسية أيضًا، خاصة أن مجمل أرباح القطاع السنوية تزيد على 40 مليار ريال. ومن أهم برامج المسؤولية المجتمعية التي تحتاج إليها مدينة الجبيل: الاهتمام بالبيئة الحاضنة، والاستثمار في برامجها التنموية كبناء المدارس والمراكز الصحية والحدائق العامة، وتوفير فرص عمل لسكانها وفق آلية عادلة، تضمن حصول الشباب والشابات المقيمين في بيئة المصانع الحاضنة على الوظائف المناسبة وفق نسبة محددة، وأولوية يحكمها نظام المسؤولية المجتمعية.
ولعلنا نطالب معالي وزير الطاقة - وهو الخبير ببرامج المسؤولية الاجتماعية المطبَّقة في المدن الحاضنة لمشروعات أرامكو السعودية في أمريكا ودول الغرب الأخرى - بنقل تلك التجارب العالمية المتقدمة، وفرضها على القطاع الصناعي في الجبيل الصناعية.
والملف الثالث هو ملف التنمية، والتكامل الأمثل بين مدينتَي الجبيل والجبيل الصناعية. وهو الملف الثالث الذي نأمل بأن يجد من الوزير الفالح الاعتناء الخاص؛ إذ أحدث «نظام الفصل التنموي والخدمي والمنفعي» بين المدينتين فجوات وتشوهات تنموية مؤلمة؛ تحتاج إلى المعالجة العاجلة من خلال توحيد استراتيجية التنمية بين المدينتين، ومد المشروعات الصناعية السخية إلى الجبيل، بما يسهم في تحقيق العدالة التنموية.
وأختم بملف الاستثمارات في المدينة السكنية، وما يعانيه المستثمرون من تحوُّل الهيئة الملكية عن رؤيتها التنموية إلى الرؤية الاستثمارية الصرفة المعظِّمة للدخل؛ وهو ما تسبَّب في رفع التكاليف على المستأجرين؛ وبالتالي على المستهلكين، وإعادة تفسير عقود التأجير من منظور تعسفي ومُضرّ بالمستأجرين. ونكمل بإذن الله.