د. فوزية البكر
أتيحت لي فرصة حضور الاحتفال الرسمي بيوم المرأة العالمي بدعوة كريمة من هيئة حقوق الإنسان والتي عقدت فعاليتها يوم الخميس الماضي الموافق 7 مارس 2019 بعنوان: (تمكين المرأة في المملكة) في فندق الريتز كارلتون بالرياض وذلك بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة في المملكة حيث تشرفت الجلسة بحديث واف من كل من معالي رئيس الهيئة د. بندر العيبان وكذلك معالي وزير الخدمة المدنية الأستاذ عبدالله الحمدان وتلتهما المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في المملكة العربية السعودية السيدة ناتالي فوستيه التي ألقت خطابها بعربية مبهرة! والتي اتضح فيها جميعا العزيمة الواضحة التي تحملها المملكة لقضية تمكين المرأة.
تلا ذلك إضاءات حول أوجه التمكين التي تعيشها المرأة السعودية اليوم في مختلف القطاعات التعليمية والوظيفية والقانونية وفي مجال القيادات العليا وإبراز للعمل الجاد الذي يجري اليوم في بلادنا حفظها الله برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين أميرنا الشاب محمد بن سلمان وذلك في كل وزارة وكل هيئة حكومية وخاصة لتحقيق بعض التوازن بين الجنسين في شتى المجالات بما يتيح فرصا تعليمية وتدريبية ومهنية للجميع ليس على أساس الجنس بل على أساس الكفاءة والقدرة الجسدية والعلمية والذهنية وهو ما نطمح إليه في عصر الرؤية المذهل والتي أكدت على خطة إصلاحات اقتصادية واجتماعية شاملة، ستزيد نسبة النساء في سوق العمل السعودية إلى 30 % من النسبة الحالية وهي 22 %.
ينص النظام الأساسي للحكم في مادته رقم 26 والمادة 8 على حماية حقوق الإنسان وقيام الحكم في المملكة على أساس العدل والشورى والمساواة كما تنص المادة 30 على توفير الدولة للتعليم العام وتلتزم بمكافحة الأمية وفي هذا الإطار أصدرت المملكة وخاصة خلال السنوات العشر الأخيرة الكثير من الأنظمة التي تحمي المرأة وتساعد على تعزيز تمكينها في مختلف المجالات ولعل أبرزها ما حدث في عهد المغفور له الملك عبدالله الذي حقق للمرأة عام 2011 تمثيلا مهما في مجلس الشورى بتعيين ثلاثين سيدة فيه بعضوية كاملة كما فتح برامج الابتعاث الخارجي للجنسين ومن كل المدن والقرى والأرياف والطبقات الاجتماعية الأمر الذي كون مصنعا حقيقيا للثروات البشرية التي تتمتع بها بلادنا الآن بعد عشر جولات من هذا البرنامج وهو ما فتح مجالات عمل جديدة ساهمت تدريجيا في تحطيم أسوار العزلة المقامة حول حركة المرأة وعززت فرص عملها في القطاع الخاص حيث نرى المرأة السعودية اليوم في كل مكان شريكة حقيقية لزميلها الرجل.
كما صدر نظام المجالس البلدية الذي أتاح للمرأة السعودية أن تكون ناخبة ومنتخبة حيث بلغت مشاركة النساء في أول جولة لهذه الانتخابات عام 2015 حوالي 81 % لكن نسبة المرشحات اللاتي حققن دخولا للمجالس البلدية لم تتجاوز 1 % .
وتلا دخول المرأة في كل القطاعات المهنية وحماية لها من الإيذاء والتحرش تم على التوالي إصدار نظامي الحماية من الإيذاء مع لائحته التنفيذية ونظام الحماية من التحرش الذي صدر في 29 مايو 2018 بغرض توفير بيئة عمل آمنة للمرأة السعودية بعد توسيع دائرة عملها في كافة الوزارات والقطاعات الحكومية والأهلية ومنع التمييز في الأجور للأعمال ذات القيمة المتساوية كما نصت على ذلك مواد نظام الخدمة المدنية التي تم تعديل موادها لتعطي المرأة أيضا الحق في إجازة وضع لمدة سبعون يوما وتعديل نظام العمل ليكون مرنا بدرجة تتوافق مع احتياجات المرأة العاملة في مختلف مراحل حياتها وذلك عن طريق إدخال النظام الجزئي للعمل ونظام العمل بالساعات وحققت الإرادة السياسية العازمة ظهورًا واضحًا للمرأة في كل مكان فتوالى تعيين النساء في قطاعات حكومية واقتصادية هامة مثل البنوك وسوق الأسهم السعودية والبلديات وعمادة الكليات ووكيلات للجامعات وسفيرات وغيرها من المواقع التي سنسمع المزيد منها في أيامنا القادمة بإذن الله.
ولكي يتحقق هذا التمكين بصورة طبيعية كان من الضروري الدعم التشريعي له وذلك بتعديل بعض الأنظمة التمييزية التي كانت قائمة حيث لا تنسى نساء المملكة المرسوم الملكي الشهير رقم 33322 والذي أكد على منع التمييز ضد المرأة وعدم المطالبة بموافقة ولي الأمر عند تقديم الخدمات لها أو إنهاء أي من إجراءاتها كما لن ننسى اللحظة التاريخية الحاسمة والقاضية بتعديل نظام المرور رقم 905 والصادر بتاريخ 6-1-1439 والقاضي بتطبيق أحكام المرور ولائحته التنفيذية بما فيها إصدار رخص القيادة للذكور والإناث على حد سواء والذي مكن المرأة السعودية أخيرًا من تحقيق حلمها بقيادة السيارة!
نساء المملكة العربية السعودية يعشن حلمًا واقعيًا طال انتظاره وأيامهن القادمة ملئى بالمفاجآت السارة فلنستمتع أخيرًا بعد طول انتظار. عاش وطننا آمنًا مستقرًا.