فهد بن جليد
التجاذبات الفكرية والثقافية التي شهدتها النُسخ السابقة من معرض الرياض الدولي للكتاب عندما كانت أحداثه وفعالياته وما يصاحبها من مواقف تتصدر عناوين الأخبار والصحف في حالة نادرة من المناكفات والاختلافات، منحت المناسبة بعداً وأهمية وقيمة خاصة عند المثقفين العرب الذين ينظرون للحدث بمزيد من الاهتمام والترقب في كل مرة لمعرفة العناوين والمؤلِّفين الذين سيندلع حولهم الخلاف، بالأمس أجل أحد الأصدقاء العرب رحلة مغادرته من الرياض وتكبّد فرق التذكرة والإقامة التي منحته إياها الشركة التي يعمل بها، عندما علم بأنَّ معرض الرياض الدولي للكتاب سينطلق اليوم الأربعاء مفضِّلاً البقاء وزيارته، صاحبنا يعلم تماماً بأنَّ النسخة الحالية لن تشهد ما شهدته النسخ في السنوات السابقة من أحداث وحراك، باتت من الماضي الذي لن يعود، ولكن حضور المعرض بحد ذاته بالنسبة له ولغيره من الزائرين العرب والأجانب فرصة لمُعايشة الحركة الثقافية والأدبية في المشهد السعودي والتعرّف عليها عن قرب.
معرض الرياض الدولي للكتاب تجاوز مجرَّد أن يكون أياماً تقليدية للكتاب ليضع نفسه على خارطة الثقافة العربية كتظاهرة كبرى تؤثِّر في حركة التأليف والطباعة والإنتاج الفكري من المحيط إلى الخليج، نتيجة المشاركة الواسعة والعريضة للمؤلفين ودور الطباعة والنشر، ولناحية المبيعات التي تكسر كل عام الأرقام القياسية لمبيعات الكتب في المكتبات والتظاهرات العربية المماثلة.
منذ أن تولى الشباب السعودي إدارة معرض الكتاب بالاعتماد عليهم كمنظِّمين ومشرفين، وهم يحققون أرقاماً كبيرة ونجاحات متوالية، ليقدِّم المعرض نفسه كتظاهرة إقليمية كبرى تحضر فيها عشرات الفعاليات الجانبية كالعروض المسرحية والسينمائية ومسابقات الأفلام والتأليف والجلسات التفاعلية، بتحول المعرض من مجرَّد أرفف تتناثر وتصف على جنباتها الكتب والمجلدات التي جاءت من أكثر من 30 دولة بمشاركة 913 داراً بأكثر من نصف مليون عنوان، إلى مهرجان ثقافي وتظاهرة أدبية عربية فريدة ، فبعد أن كان الأشقاء العرب يتسابقون بالأمس لينشروا في صحفهم ونشرات فضائياتهم مناكفات بعض المثقفين السعوديين وخلافاتهم حول عنوان أو مؤلّف حضر في معرض الرياض الدولي للكتاب، باتوا اليوم ينظرون بإعجاب كبير للفعاليات والبرامج، وورش العمل الأدبية والفنية والتعليمية المُصاحبة والتي تشكِّل تظاهرة ومعرضاً موازياً، سيحتاج غيرنا لسنوات طويلة ليصل لمستوى وبريق حدث الرياض الثقافي الأبرز.
وعلى دروب الخير نلتقي.