رحم الله تركي بن عبدالله الطوالة الذي رحل بصمت مثل ما عاش بسمت العقلاء باتزان الرجولة في أسمى معانيها، وأزكى فضائلها، عرفته منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن جاراً وصديقاً لوالدي -رحمهما الله جميعاً- فكانت سمته الوفاء، وطبعه الإخلاص، كلما رأني أو زرته دعا له وترحّم عليه وأوصانا بالوالدة خيراً معدداً مزايا وخصال في والدي يذكرها لي وهي متأصّلة فيه، ومنها نقاء القلب وصفاء السريرة، والعف والكف عن أعراض الناس والخوض في ما لا يعنيه، فلا تكاد تسمع منه إلا حلو الكلام، وطيب الحديث، لسانه يترطب بذكر الله ولا تجد في حديثه إلا كل مفيد، يصل ولا يقطع، الابتسامة لا تكاد تغيب عن محيّاه، وهو العصامي الذي بنى نفسه بنفسه وهو في حال فقره وغناه لم يتغيّر ولم يتبدل بكرم نفس، ويد ندية، باذلة في وجوه الخير، وعمل الخير مع شقيقه عبدالرحمن الذي سبقه إلى الدار الآخرة، وكان ارتباطهما معاً بالاسم وبالعطاء وبالكرم، وبحب مسقط رأسهما (الزلفي) التي أحبوها وكان لهما بصمة وأسهما في بنائها وتنميتها، وكم سجّلت لهما من المواقف المشرِّفة ولا يعُدون ذلك إلا من الواجب.
فكانت لهما السمعة والذكر الحسن، ويضُرب بهما المثل في الأخوة الصادقة القائمة على المحبة والاحترام المتبادل، وفقيدنا -رحمه الله- لا تُجد له مبغض أو كاره، والكل مجتمع على محبته والثناء عليه لمكون رسوخ الخصال والشمائل الحميدة التي نافح على الثبات عليها والمحافظة على المكارم التي حازها طوال سني حياته حتى توفاه الله تعالى يوم الثلاثاء الرابع عشر من شهر جمادى الآخرة من عام 1440هـ - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وأعلى منازله في عليين فكان جديراً في حياته بكل حفاوة وإجلال، وبعد مماته بحفاوة الدعاء. نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يكون ما أصابه كفارة له وأن يبارك في عقبه عبدالله وإخوانه وأحفاده وأن يكونوا امتداداً له ولسيرته وأن يكون لهم الحظ الأوفر في بره والإحسان إليه ميتاً - كما بروه حياً، وعزاؤنا لهم جميعاً بفقد والد طالما أحب الجميع وتمنى لهم الخير والصلاح، فأحبه الجميع وتبقى ذكراه الطيبة، وسيرته العطرة تتعطَّر بها الألسن التي عرفته، وتبقى أعماله الخيِّرة شاهدة ومحفورة بالذاكرة الحيَّة.
{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}
** **
- فهد بن عبدالعزيز الكليب