يوسف المحيميد
عبارة «نخلة عوجا»، يرددها الأجداد، وهي النخلة التي ترمي تمرها خارج حوضها، نتيجة اعوجاج جذعها، وفي حياتنا اليومية نشاهد كثيرًا من النخيل الأعوج، ممن يحرص كثيرًا على خدمة الآخرين أكثر من خدمة أهل بيته، بل ويتباهى في مواقع التواصل الاجتماعي أنه يفعل كذا وكذا، مصحوبا بالصور ومقاطع الفيديو، خاصة ممن يقدم العمل الخيري خارج حدود الوطن.
ولعل أبرز هؤلاء، ما يقوم به أحيانًا الأطباء السعوديين من جهود تطوعية يُشكرون عليها، كجهود إنسانية، خاصة في دول أفريقيا الفقيرة، وما يقومون به من عمليات روتينية بسيطة، كعمليات الماء الأبيض لمئات المرضى الفقراء في أفريقيا، ولكن ماذا لو بادر هؤلاء بإجراء عمليات مشابهة لمرضى مسنين من أهلنا، يعيشون في قرى صغيرة ونائية، في الشمال والجنوب، من وطننا الكبير، هؤلاء الذين يضطرون إلى الانتظار الطويل لمواعيد المستشفيات، وما يترتب بعد ذلك من سفر وعناء للمدن الكبرى التي تحتضن هذه المستشفيات المكتظة بقوائم طويلة من المنتظرين!
ماذا لو بادر هؤلاء بإطلاق حملة العمليات الصغيرة المجانية، وسافروا إلى جنوب البلاد وشمالها، وتكفلوا بإجراء العمليات الروتينية للمرضى المحتاجين والفقراء والمسنين في بلادهم؟ خاصة أن كثيرًا من مستشفيات المدن الصغيرة أصبحت مجهزة بغرف العمليات، والأجهزة الطبية اللازمة، خاصة أن هناك أمراضًا متكررة ومنتشرة، وعملياتها أصبحت روتينية، كعمليات الماء الأبيض في العيون، وقسطرة القلب، وغيرهما، فإهمال إجراء الأولى يؤدي إلى العمى، والثانية إلى الوفاة لا سمح الله.
على هؤلاء الأطباء نشر إنسانيتهم وشهامتهم في الداخل، ومع أبناء وطنهم، رجالا ونساء، كي تستقيم جذوعهم، وتكون ثمرة تطوعهم في حوضهم وأرضهم.