د. صالح بكر الطيار
تمتلئ المحاكم بعشرات القضايا المتعلقة بالإرث، وبحكم مهنتي كمحامٍ فقد مثلتُ شخصيًا عشرات من القضايا التي أصبحت هاجسًا مؤرقًا بسبب تداخل أطرافها وغياب الوعي الديني والإنساني لدى بعض المتورطين في تبديد حقوق الإرث المكفول شرعًا للورثة، من خلال تسلط الإخوة الكبار أو الذكور على حقوق أخواتهم، أو محاولة العديد من الأبناء استغلال الوكالات الشرعية، أو التحايل بها على أصحاب الحقوق من الورثة، في مخالفة شرعية ونظامية تزايدت في الفترة الأخيرة حتى أن هنالك أسرًا وعائلات لها اسمها لا تزال قضاياها في أروقة المحاكم وسط خلافات كبيرة ووسط سيطرة الاستغلال المادي والعائلي وسلطة الذكور أو أي أمور أخرى وفرت للمتورط الحيل في أكل أموال الورثة بالباطل.
نحن أمام ظاهرة خطيرة جدًا، فقد شهدتْ المحاكم حيلاً لتضييع حق البنات الوريثات من التركة بدافعية غير شرعية، مفادها أن المال يذهب للغريب ويقصدون زوج الأخت، وقد يعطل العديد من الإخوة والورثة تقسيم التركة كسبًا للوقت ولأجل إقناع بعض الورثة الضعوف سواء من الصغار أو من النساء بالتنازل عن حقوقهم أو جزء منها أو التحايل بأي طريقة للحصول على المال.
قرار الشرع واضح ودقيق في ذلك، ولكن وجود بعض القانونيين ممن يساعدون مع بعض الورثة ويتواطئون معهم في تضييع حقوق الآخرين أو اقتصاص جزء منها أدى إلى ارتفاع هذه القضايا، إضافة إلى طمع وجشع بعض الورثة في مال بعضهم بحثًا عن «مبالغ زائلة» لن تغنيهم شئيًا في الدنيا ولا في الآخرة، وسيحاسبون عليها حسابًا شديدًا.
لذا فإنني أرى أهمية التوعية في هذا الجانب، وأن يعي الورثة وخصوصًا كبارهم بأن الأمانة صعبة الحمل وأن عليهم أن يتقوا الله في أنفسهم وفي إخوانهم وأخواتهم وأن لا يسلبوا منهم شيئاً، وأتمنى من القضاة أن يحرصوا على تتبع الاحتيالات الواردة في هذا الجانب وأن يواجهوا سيل الشكاوى الكيدية التي تسيء لسمعة بعض الأشخاص، وأن توظف القوانين وأن تطبق الضوابط الرادعة عاجلاً حيال المتورطين في سلب أموال الورثة، وكذلك معاقبة المدانين في الشكاوى الكيدية.
أنا على يقين أن حرص معالي وزير العدل وما يشهده قطاع القضاء من تطور سيجعل الموضوع في دائرة الاهتمام والمتابعة حتى نرى عقوبات تنعكس على توظيف الحق وردع كل معتد أثيم على أموال الورثة سواء من الأسرة أو من غيرها حتى يتم تقسيم الحق بالعدل والإحسان ووقف المظالم في هذا الشأن والقضاء عليها...