رجاء العتيبي
هل فهمت المؤسسات الثقافية قرار السينما بصورة خاطئة؟ هل فهمت قرار الموسيقى والاحتفالات خطأ؟ سؤال يقفز لمخيلتنا عندما نرى اتجاه هذه المؤسسات بالاهتمام بالسينما والموسيقى وتجاهل المسرح، أليس المسرح فنًّا من الفنون؟ بل (أبو الفنون)؟!!!
والدليل على أن السينما والموسيقى باتتا الابن المدلل للمؤسسات الثقافية أنه حتى رجال الأعمال بدؤوا فعليًّا بالاستثمار في الموسيقى والسينما بشكل لافت: معاهد, صالات, دعم, إنتاج, رعاية.. والتواصل مباشرة مع المؤسسات الثقافية، ويلقون منهم كل ترحيب. وهذا ما لم يتأتَّ للمسرح بالمرة.
جميل أن نرى انتعاش السينما والموسيقى، ولكن ليس على حساب المسرح, الذي كان في يوم من الأيام هو سيد المناسبات المحلية, وفجأة يصبح في آخر الركب بسبب الفهم الخاطئ لقرار السينما والموسيقى.
مشكلات المسرح هي ذاتها، وسبق أن طرحناها في أكثر من محفل، وهي - ويعرفها جيدًا المعنيون بالشأن المسرحي - نلخصها في الآتي:
1. تهالك البنية التحتية للمسرح.
2. ضعف الخدمات الإنتاجية.
3. غياب التأهيل الأكاديمي للأطقم الفنية.
4. عدم كفاية المخصصات المالية.
5. غياب الأنظمة والقوانين التي تضبط الحراك المسرحي.
ولو تأملنا هذه النقاط الخمس لرأيناها مشروعات كبيرة، تفوق طاقة الجهات الحكومية ماليًّا وإداريًّا وفنيًّا. إذا تأملنا ذلك بعين فاحصة ندرك أن (الفنون) ليست سوى مشروع دولة أكبر من كونها مجموعة أوراق يكتبها أشخاص مجتهدون ومتحمسون. كذلك لا نتوقع أن قسمًا أو إدارة أو جمعية أو هيئة يمكن أن تفي بطموح المسرحيين وزملائهم من الفنون الأخرى، وتحسم هذه النقاط الخمس؛ لهذا لا تحل قضايا المسرح والفنون الأخرى ببضع ورقات.
نطمح إلى تأسيس مدينة (إنتاج)، تدعم الرؤى الإخراجية والأفكار الكبرى، تتبعها (ورش إنتاج)، توفر للمخرج كل ما يريده وكل ما يسمح به خياله؛ فيبدأ المخرج عمله وخلفه (خط إنتاج)، يوفر له متطلباته الفنية أيًّا كانت، ولا يوجد في قاموس هذا الخط الإنتاجي كلمات مثل: (ما نقدر)، (صعبة)، (يحتاج وقت), (اشتغل على الموجود)، (دبر نفسك).