د. حسن بن فهد الهويمل
لقد اعترض الموتور، المأجور (أبو عرفة) وهو بصدد نقض نواقض الإيمان عند (ابن عبدالوهاب) على تكفير من استهزأ بالله، ورسوله، وبرر اعتراضه بأن الله حكم بكفر المنافقين لنفاقِهِم، وليس لاستهزائهم.
وهذا إسقاط لحكم الآية المحكمة :- {قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ} [التوبة:65] . بغير دليل، ثم هو استدراج لسفهاء الأمة على استمراء الاستهزاء بالشعائر.
حتى لقد ضرب مثلا لمشروعية الاستهزاء بشعيرة (رفْع اليدين) في التكبير بين عالمين جليلين. وهذا جهل، أو تجاهل، فـ(أبو حنيفة)، و(ابن المبارك) يستهزئان بخطأ الاجتهاد، لا بشيء من شعائر الدين.
وهو قد تصدى لـ[الألباني] وسخر به، وحذر منه، واتهمه بالتشكيك بعبادات توارثها الناس.
و[الألباني] فيه حِدَّةٌ، وحَدِّيَّة، لا نؤيده عليها، ولكنه خدم السنة، ولم يأت بشيء من عنده. كل الذي قاله تجميع لأقوال العلماء من قبله حول راوي حَديثٍ، أو درجَة حديثٍ، والقول بضعفه، أو بوضعه، ترجيحاً من عنده.
إذ قد يختلف العلماء حول درجة الحديث، فيحكم أحدهم بحسنه، ويحكم آخر بضعفه، ومن خلال تقصيه، واستقصائه يترجح عنده الحسن، أو الضعف، فيقول به.
وهو قد قال عن (ابن عبدالوهاب) إنه (شيطان نجد)، وقال عن (ابن تيمية) إنه (طاغوت حران)، وقال عن [ابن باز]، إنه (سبط مسيلمة) الكذاب.
وهذه الجرأة، والوقاحة تنبئ عن خبث طوية، وسوء معتقد، فضلا عن مقترف هدم الإسلام بهدم رموزه.
مع أنه، وهو يوزع الاتهامات، لم يأت بقول لأحد ممن ذمَّ يخالف الكتاب، وصحيح السنة.
مطاردةُ هذا المقتدر اللسن المشبوه، وتعريةُ أهدافه، وفضح نواياه جهادٌ في سبيل الله. لقد نذر نفسه، ووظف إمكانياته المعرفية، وحيله البهلوانية لهدم المنجز المعرفي في الإسلام من خلال تشويه سمعة العلماء، والتشكيك في نواياهم.
لقد أتى علماء (أهل السنة والجماعة) من قواعدهم، ولعب أدواراً مشبوهة. وإذا اضطره الاستطراد إلى استعراض علماء (الروافض)، وغلاة (التصوف) وأصحاب الملل، والنحل المنحرفة بإجماع العلماء، دَلَّس، ومَوَّه، ولف، ودار، ثم انفلت كانفلات اليربوع من نافقائه. وراغ روغان الثعلب من مُطارِدِه.
ولو كان ناصحاً لله، ولرسوله، ولأهل السنة، والجماعة لتصدى لظواهر (الإلحاد)، و(المجوسية)، و(القبورية)، و(الروافض)، و(الباطنية)، ووقف عند حد الاستدراك على علماء الأمة الناصحين لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وإذا كان ينقم على شيخ الإسلام (ابن تيمية) شِدَّتَه، وحِدَّتَه، وخطابه الجهادي، وحفظه لجناب التوحيد، فإن طائفة من علماء السلاطين، ومتعصبة المذاهب اختلفوا معه، وأوغروا صدور الخلفاء عليه، حتى مات في السجن شهيد مبادئه. وفات هذا الغبي أن (ابن تيمية) عاش في أتون الحروب (الصليبية)، و(التتار). مما يقتضي لغة الحرب.
وجنايته التي سُجِن، ومات بسببها تَبْدِيعُه لشد الرحال لغير المساجد الثلاثة، التي نص عليها الحديث الصحيح. إذ حكموا عليه بِكُرْهِه للرسول، لعدم رؤيته شد الرحال لزيارة قبره.
هو حنبلي سلفي مجتهد، له مختاراته، ومفرداته، وموافقاته، واعتراضاته. حتى لقد اهتمت به الجامعات الإسلامية، وجامعات الغرب، والمستشرقون، وألفت عنه، وعن آرائه عشرات الرسائل العلمية المحكَّمة، ونافح عنه، وعن علمه، وعقيدته آلاف العلماء الأجلاء.
حتى الذين يختلفون معه في بعض ما يذهب إليه، احتفظوا بمكانته، وأشادوا بعلمه، وفندوا اجتهاداته التي لم يوافقوه عليها.
هذا الهدام الصقيع، الرقيع منزوع الحياء، يباهي بقدراته البهلوانية. وحديثهُ منفرداً داخل (الاستديو)، أو في (حلقة مريديه)، تمكنه من الضجيج :-
وإِذَا مَا خَلَا الجَبَانُ بأَرْضٍ ... طَلَبَ الطَّعْنَ وَحْدَهُ وَالنِّزَآلا
ولو أنه رضي بالحوار مع مخالفيه، ومقارعة الحجة بالحجة، ومواجهة العلماء، لأسقط في يده، وتعرت نواياه، وانكشف جهله، وانفضح سره.
هذا المريب غريب الشأن. لسان حَادٌّ على كافة علماء الأمة، وعلومهم. ينقض أبنيتهم لبنة لبنة، ويبرر ذلك بدعوى أنها من المحدثات، والبدع الضالة.
وكل حلقة من حلقاته المحفوفة بالدعم السخي من جهات مُتَقنِّعة، يهدم بها ظاهرة معرفية من ظواهر التراث الإسلامي، أو مصطلحاً من مصطلحاته .
فهو لا يَسْتدرك خطأ، ولا يصحح منهجاً، وليس لديه تبرير إلا القول بأن (الإرث العلمي) جاء بعد الرسول، ومن بعد (علي)، و(سبطيه)، و(فاطمة).
لقد تحدث عن (علم القراءات)، وعن (الشاطبية) إحدى منظوماته، ولم يتردد في القول: إنها من نفثات الشيطان.
و( الشاطبي) ناظم للمتداول عند علماء القراءات، ومُقَرِّبٌ له، وهو ما نقل عن الرسول، وعمن تبعه، وعن مشاهير القراء.
والصحابة اختلفوا فيما بينهم في القراءات، كما في قصة (عمر) رضي الله عنه، والقارئ الذي جاء به يجره إلى الرسول، فقال له: أرسله. ثم استمع إليهما، وأقَرَّهما. وقال:- نزل القرآن على سبعة أحرف، توسيعاً على الأمة، وتيسيراً لها.
فكيف يُسَوِّغَ هذا الهدام لنفسه أن يقول عن هذه المنظومة : إنها من نفث الشيطان، أعاذنا الله من هذا الطعان، اللعان.
.......يتبع