د. إبراهيم بن عبدالله المطرف
نتحدث هنا عن ستة منطلقات، تمثل قاعدة يتطلب البناء عليها، لتعزيز مكانة المملكة على المستويين الإقليمي والدولي.
(أولها) أن المملكة ترتبط بعلاقات وثيقة مع دول شقيقة وصديقة في مناطق مختلفة من العالم، وتسعى جاهدة إلى تقويتها وتطويرها على الدوام، وتحظى بتقدير كبير من المجتمع الدولي، لما لها من إرث ديني وتاريخي وحضاري وثقافي واقتصادي كبير. كما أن المملكة تسهم مساهمة صادقة في الجهود الرامية إلى تحقيق السلم والأمن الدوليين. ولقد تبنت المملكة منذ قيامها، على يد المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز سياسة خارجية تقوم على مبادئ الاحترام لسيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها، وتسوية النزاعات سلمًا، في ظل الشرعية والاتفاقات والمعاهدات الدولية.
و(ثانيها) أن هناك قدرًا كبيرًا من التفاؤل على الساحتين العربية والإسلامية، بقدرة الملك سلمان بن عبدالعزيز على النهوض بدور استثنائي وتاريخي في لم شمل وتنقية الأجواء العربية والإسلامية من الشوائب والخلافات، وتوحيد الطاقات العربية في مسارات جديدة للعمل العربي والإسلامي المشترك. كما أن هناك أيضًا تفاؤلاً إقليميًا ودوليًا بالتوجهات السياسية والاقتصادية للملك سلمان، المنطلقة من الاعتدال والعقلانية، التي ينظر إليها المجتمع الدولي بالكثير من التفاؤل، في توسيع آفاق التعاون السياسي والاقتصادي العالمي.
و(ثالثها) أن للمملكة أهمية كبيرة في السياسة الإقليمية والدولية، وهي أهمية نتجت عن الاستقرار السياسي الذي تعيشه المملكة، والحكمة والاعتدال وثبات المواقف في تعاملها مع المجتمع الدولي، ولكونها في الوقت نفسه، حجر زاوية في السياسة الدولية المعتدلة والهادئة، ذات قدرة كبيرة على التأثير في مجريات الأحداث، فضلاً عن دورها المميز في مكافحة الأفكار المتطرفة، وإبداعها في التصدي للجماعات الإرهابية.
و(رابعها) أن مكانة المملكة وثقلها، كلاعب أساسي في الساحة العالمية، تمثل رقمًا صعبًا في المعادلات الإقليمية والدولية، نتيجة قدرتها الدبلوماسية في تنقية الأجواء، واحتواء الأزمات، وبلورة التفاهمات، من اجل استقرار العالم وتعزيز أمنه. وقد أكد الملك سلمان بن عبدالعزيز ذلك للمجتمع الدولي، في كلمته في العاشر من مارس 2015، على «التزام المملكة بمنهج الحوار، ورفض استخدام القوة والعنف، والعمل بفعالية على وضع الحلول للقضايا العالمية الملحة، وتعزيز التنمية المستدامة».
و(خامسها) أن المملكة قد اعتبرت إحدى أقوى سبع دول في العالم، بعد أمريكا وروسيا والصين واليابان وألمانيا والهند، وفق ما جاء في دورية الـAmerican Interest الصادرة في يناير 2015، التي أكدت على أن عام 2014 كان العام الثاني، الذي هزت السعودية فيه العالم، من خلال قرارين مهمين، أحدهما سياسي، والثاني اقتصادي. استطاعت المملكة من خلال القرار الأول، تحقيق توازن جيوسياسي، ومن خلال القرار الثاني، دعم النظام الاقتصادي العالمي. ووفقًا لأحدث دراسة أعدتها مجلة us news and world report، فقد جاءت المملكة في المرتبة التاسعة بين أقوى دول العالم لعام 2019، وذلك وفقًا لمكانتها الدولية على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وتحالفاتها الدولية، ودورها القيادي في محيطها الإقليمي والدولي. يذكر أن تقرير عام 2019 قد صدر بالتعاون بين المجلة وجامعة بنسلفانيا، وقد تم المسح الميداني للدراسة من خلال استخدام عينة للرأي العام، شملت عشرين ألف شخصًا، من ثمانين دولة.
أما (سادسها) فهو ريادة المملكة في الاستراتيجيات الحوارية على المستويين المحلي والدولي، ما يسمح للمملكة بتأدية أدوار فاعلة في الملفات المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية.
ويتضح من المنطلقات الستة أعلاه، المكانة المرموقة والتقدير الكبير اللذان تحظى بهما المملكة من لدن المجتمع الدولي، احترامًا لإرثها التاريخي والحضاري، ومساهماتها الصادقة والمؤثرة في المسيرة التنموية العالمية، وجهودها في مسارات السلم والأمن، وأخيرًا وليس آخرًا، لثوابت سياسات المملكة الخارجية.
بقي أن نقول، إننا في حاجة، وعلى الدوام، لمزيد من الجهود في توطيد مكانة المملكة الدولية، تمشيًا مع المتغيرات والمستجدات السريعة والمتلاحقة، وذلك من خلال «ابتكار» سبل وآليات جديدة من العمل الدبلوماسي، لمزيد من الإسهام في تثبيت هذه المكانة، وتأكيدها في كافة المجالات، وعلى كافة مستويات العلاقات الدولية.