فهد بن جليد
هم -برأيي- التجار الحقيقيون، فلدي قناعة شخصية بأنَّ هيئة رجال الأعمال في هذين النشاطين الرئيسين تختلف عن هيئة نظرائهم في الأنشطة التجارية الأخرى، ممَّن يهتمون بمظهرهم وبرستيجهم وكأنَّهم يُحاولون إقناع غيرهم بثرائهم وملاءتهم المالية، هؤلاء من وجهة نظري تمثل أموالهم نصف تجارتهم والنصف الآخر يعتمد فيه على مظاهرهم التي تمنحهم الثقة في الأوساط التجارية بعكس تجار العقار والذهب الذين لا يبدو عليهم الثراء الفاحش غالباً، ويحظون بالثقة اللازمة، ربما للأمر أسبابه الخاصة التي لا ندركها نحن أبناء الوظيفية (الكوحيتية) وأهل راتب آخر الشهر، ولعلَّ مُشاهداتي الأخيرة في مؤتمر العقار السعودي الدولي سايرك 5 بالرياض تؤكد ذلك، فالماركات (الأقلام، الساعات، الكبكات ..إلخ) التي يرتديها مرافقو تجار العقار تمنحهم هيئة وثراء أكثر من (معازيبهم) أنفسهم الذين يُرافقونهم، وهذه حالة نادرة تستحق التمعن والبحث.
المختصون يُعلقون دائماً بأنَّ العقار يؤثر ويشغل 90 قطاعاً تجارياً آخر، قطاع العقار لدينا رغم تطوره الملحوظ، إلاَّ أنَّه من -وجهة نظري- ما زال أرضاً خصبة للمزيد من التفاعل وتطبيق النظريات التجارية والعلمية ليمنحنا أفضل ما يمكن، برفع كفاءته بما يتفق مع أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فرغم إنشاء الهيئة العامة للعقار التي نأمل أن يكون لها دور وحضور أكبر في المشهد العقاري، ما زال تجار العقار يفضلون الأساليب والطرق التقليدية في تجارتهم ربما للحفاظ على المكتسبات، وربما نتيجة الخوف من التغيير ورفضه.
نجحنا في التنظيمات الإدارية العقارية التي شهدت نقلة نوعية كبيرة بفضل دور وزارة العدل وأنظمة التأجير وغيرها، ولكن ماذا عن الأفكار الابتكارية التي يمكن أن تحرك السوق أكثر وتمنحه الدفعة المطلوبة ليؤثر إيجاباً على قطاعات وأنشطة رديفة عديدة، انظر فقط إلى أثر أسلوب ابتكاري واحد جاهدت وزارة الإسكان في إقناع التجار والمستفيدين لاعتماده وهو (البيع على الخارطة) وتأثيره في حركة السوق وتطورها، هناك عشرات وعشرات الأساليب الجديدة التي يمكن أن يكون لها أثر في منح العقار دور أكبر في التنمية، فقط متى ما نفض العقاريون الغبار عن مخططاتهم، وأخرجوا صكوكهم، واعتمدوا نماذج جديدة لتجارتهم بالابتعاد عن التقليدية والرتابة ومنحوا أنفسهم المكانة التي يستحقونها، ونظروا إلى أنفسهم كرجال أعمال لا كتجار عقار.
وعلى دروب الخير نلتقي.