عبد الرحمن بن محمد السدحان
*... إذن فالمسلمون يحاكَمون عشوائياً، ويدانون غيابياً من لدن «آخرين»، مستشهدين في ذلك ببعض السلوكيات والممارسات التي تُقترف هنا أو هناك، مما لا يقره شرع، ولا تصونه أخلاق. المسلمون أنفسهم ينكرون هذه الممارسات غير المسؤولة في بعض البلدان ذات الهوية الإسلامية، وخصوصاً تلك التي تقع فيها أحداث يذهب ضحيتها الأبرياء من النساء والرجال والأطفال، تارة باسم «الجهاد» ضد قوى الشيطان، وتارة أخرى لتحقيق السطوة بقبضة الحديد على الأعناق!
***
* ولا ريب أن أفعالاً كهذه لها من المساوئ ما لا ينكره أحد؛ لأنها بسببها تؤاخَذ الكثرة بما تفعله القلة من المسلمين، ولأنها في خاتمة المطاف ترسم صورة غير حميدة عن الإسلام الحنيف الذي جعله الله خاتمة الأديان، وجعل فيه من المبادئ والمثل العليا ما يزكي الإنسان، وبها يسمو، ولأنه صيغة حياة، معاشاً ومعاداً، وليس طقوساً مفرغة من مضامين الوجود، بما فيه ومن فيه!
***
* أمام هذا الأمر كله ليس غريباً أن تظهر في بعض أوساط الغرب دعواتٌ أو نزعاتٌ ضد الإسلام، ديناً وأتباعاً، وهي - في تقديري - ردود فعل.. بعضها مفتعل إلى حد الغلو، والبعض الآخر تُسيره فطرة «الدفاع عن النفس» أمام التيار الذي يصنف المسلمين ودينهم بالعداء لمنجزات الإنسان الحديث.. مما ينفع ولا يضر!
***
* وهناك إشكال آخر، يتمثل في تصوُّر بعض المسلمين أن ظاهرة «رد الفعل» المشار إليها قد آلت إلى «مؤامرة» تستهدف الإسلام والمسلمين في كل مكان. ومع أن المسلم العاقل لا يستطيع أن ينكر وجود مَن يتمنى له ولدينه كُرهاً إلا أنه في الوقت نفسه يرفض أن «يُعمم» فكرة (المؤامرة) تلك، فيجعل منها «شماعة»، يُحمِّلها كل الأوزار والأخطاء والعثرات حيثما كانت، ويرسم من خلالها وصفات «الاعتذار» الجاهزة لتلك الأوزار والأخطاء تبريراً أو تمريراً.
***
* وفي تقديري المتواضع، إن تضخيم فكرة «المؤامرة» من لدن بعض المسلمين في بعض المواقع على النحو المشار إليه أشد خطراً وألد إيذاء مما يضمره أعداء الإسلام أنفسهم؛ لسبب يسير هو أن بعض «المواقف المعادية» للمسلمين هي في الأصل نبتة الجهل بالإسلام، وقصور المسلمين في التعريف به، مبدأً وممارسة، وأنه يمكن ترويض تلك المواقف عبر الحوار، والممارسة السوية لمقاصد الإسلام الحنيف ومبادئه، داخل المجتمعات الإسلامية وخارجها.
* وبمعنى ختامي: كلما كان المسلمون (قدوة) للحق والعدل والمساواة بدءاً كانوا أقرب إلى الصراط المستقيم لدينهم الحنيف، وأكثر استقطاباً لاحترام (الآخر) من سواهم، في الشرق والغرب سواء!