فهد بن جليد
إذا ما أردنا بناء رأي أو تغيير اتجاه أو تصحيح مفهوم خاطئ على وسائل التواصل الاجتماعي علينا أن نصنع محتوىً رقميًا قصيرًا ليكون سريع الانتشار والتداول بمختلف اللغات، فمن يمتلكون القدرة على صناعة المحتوى المرئي المؤثر سيمتلكون حتماً القدرة المستقبلية على التحكم والتأثير بهذه الوسائط والشبكات أطول مدة ممكنة، فالفيديو سيُلغي كل قنوات وخطوط التواصل ويقضي عليها ليجعل الناس يعتمدون على الصورة المتحركة أكثر من الكلام والكتابة والنقاش وتبادل المعرفة والمعلومة، بات من الواضح أنَّ مستقبل وسائل التواصل الاجتماعي هو للفيديو ثم للفيديو ثم للفيديو، هكذا يقول خبراء التقية ومحلِّلوها عطفاً على تفاعل المستخدمين واهتمامهم وتعلقهم بهذه الميزة، وتفضيلهم التعامل مع المقاطع المصوَّرة أكثر من أي شيء آخر.
رغم أنَّ برنامج «تيك توك» لا يقدم أي جديد أو أي فائدة اجتماعية مُختلفة عن سابقيه، إلاَّ أنَّه يعد أشهر برنامج تواصل اجتماعي يجتاح العالم بسرعة كبيرة جداً لدرجة تخطي عدد مشتركيه المليار في مدة قصيرة جداً لم يحصل عليها أي برنامج سابق، صُدمت عندما شاهدتُ عدد الشبان السعوديين المشتركين في هذه المنصة، إنَّها أحدث لغة تخاطب بين المراهقين في كل المجتمعات الإنسانية بلا قيود أو خصوصية فهو برنامج يعتمد على المقاطع المصوَّرة على أنغام الموسيقى، ومقاطع التقليد الفكاهية المضحكة ليجمع فنون وميزات وخصائص كل وسائل التواصل الاجتماعي السابقة تقريباً «سناب شات ، توير، فيس بوك، أنستغرام.. وغيرها»، لا أعرف إلى أين سنصل بهذه التقنيات؟ وما هو سقف وحدود كل ما يمكن تصنيفه تحت بند التواصل الاجتماعي فيها؟ مع تراجع خصوصية الأفراد والمجتمعات على السواء.
المحتوى المرئي هو الاتجاه السائد في شبكات التواصل الاجتماعي اليوم للمستخدم وللمسوِّق بالأهمية ذاتها، الأرقام المفزعة لعدد المشاهدات اليومية للفيديوهات المُنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي والتي تتحدث عن 8 مليارات مشاهدة يومية على سناب شات وحدها، و5 مليارات ساعة يتم مشاهدتها على يوتيوب ، وأنَّ 82 % من مستخدمي تويتر يتوقفون أمام الفيديوهات والمقاطع المنتشرة عليه ليُشاهدوها فيما هو يعتمد أساساً على التغريدات والتعليقات.. كل هذه الدلائل وغيرها تبين أنَّ المستقبل هو للمحتوى المرئي الذي يجب أن نجيد صناعته لنؤثر أكثر ممَّا نتأثر به، بدليل أنَّ مختلف منصات التواصل نفسها تسعى اليوم للتكيف مع هذه الميزة وإضافتها ومنحها الأهمية اللازمة حتى لا تفقد بريقها وجمهورها.
وعلى دروب الخير نلتقي.