د.عبدالعزيز العمر
لا خلاف أن فنلندا وإيرلندا تتربعان على قمة الهرم التعليمي في أوروبا، ولا خلاف أيضًا أن كوريا الجنوبية وسنغافورة تعدان ماردًا آسيويًّا تعليميًّا، بل هما أقوى نظم التعليم الآسيوية؛ لذا لا غرابة أن تكون كوريا الجنوبية وسنغافورة قوتين اقتصاديتين هائلتين في المنطقة. وأود في هذا الشأن أن أطرح السؤال الآتي: هل علينا إذا أردنا أن نطور تعليمنا (وبالتالي نعزز اقتصادنا) أن نستنسخ التجربة التعليمية الفنلندية الناجحة كما هي؟ بكلمات أخرى نقول: هل علينا أن نضع أهدافهم التعليمية الحالية أهدافًا لتعليمنا؟ لا أظن ذلك، وسأوضح ذلك من خلال الطرح الآتي. نحن نعلم أن التعليم لا يولد في فراغ، بل هو يولد من رحم الثقافة والبيئة المحلية الاجتماعية والسياسية والإدارية؛ وهذا بالطبع لا يعنى أن لا يلتقي نظامنا التعليمي مع النظم التعليمية المتقدمة في نقاط مشتركة كثيرة. ما أريد أن أؤكده هنا هو أنه إذا أردنا لنظامنا التعليمي أن يتطور فعليه أن ينطلق من هويته الاجتماعية والإدارية والسياسية التي ستمثل قاعدته الصلبة للانطلاق نحو التعليم الحلم المستهدف، ثم بعد ذلك نضع لنظامنا التعليمي أهدافًا مرحلية متدرجة ممكنة التحقق في ضوء واقعنا وظروفنا. أما أن نقفز إلى أهداف تعليمية متقدمة، وضعتها لنفسها نظم تعليمية متطورة، فأخشى أن ذلك قد يكسر ظهر نظامنا التعليمي؛ فنصبح لا أرضًا قطعنا، ولا ظهرًا أبقينا.