رقية سليمان الهويريني
يقول أوسي نسكي مؤلف كتاب «نظريات المؤامرة الأمريكية»: «كل شخص منا يؤمن بنظرية واحدة على الأقل أو ربما ببضع نظريات، والسبب بسيط، هناك عدد غير محدود من نظريات المؤامرة، وإذا كنا سنطلع عليها جميعها، فكل واحد منا سيرى نفسه مؤمناً بإحداها».
ونظريات المؤامرة ظاهرة عالمية بدأت في الظهور منذ مائة عام على الأقل، بحسب أوسي نسكي، وهي شائعة أكثر مما نظن.
ولعل تدمير برجي التجارة العالمية عام 2001 هي التي رسخت فكرة المؤامرة على الجانب العربي والإسلامي، حيث يعتقد الكثير بأن بوش قام بتفجير البرجين، وعدوا ذلك سبيلاً إلى التدخل الأمريكي في العالم الإسلامي. ومنها بدأ التشكيك في صناعة الإرهاب بأنه صناعة دولية.
والعجيب أن التصديق بنظرية المؤامرة يشمل جميع الأعمار والطبقات الاجتماعية وكلا الجنسين، بحسب البروفيسور كريس فرنتش، عالم النفس بجامعة غولد سميث في لندن!
والحق أن هوس المؤامرة يمتد حتى على الجانب الشخصي، فمهما كان موقع الفرد من قضية ما، فهو في قلق دائم وتوقع من احتمال حياكة مؤامرات ضده!
وعلى الجانب المحلي يعزو كثير من الناس فكرة التغيير والتجديد في بلدنا لفكرة مؤامرة خارجية، وأن الوضع الجامد الذي يعيشونه هو النموذج الأفضل.
ولفهم أدق لسبب الخضوع لهذا الهوس؛ فإنه من المحتم التفكير في شكل العقلية التي تقف وراء نظريات المؤامرة، التي تجد صعوبة في فهم وتحليل الحدث مجردًا، كما أن رسوخ فكرة المؤامرة في المعتقد والركون لها يعطي انطباعًا بالراحة، حتى لو لم تكن صوابًا، فضلاً عن اللجوء للمبالغة في تعظيم وتحليل المصادفات المتعلقة ببعض الأحداث الكبرى وخلق قصص منها، لتتحول تلك القصص إلى نظرية مؤامرة، أبطالها الأشرار المسؤولون عن كل الأشياء التي نكرهها.
إن منبع المؤامرة هو فكري بالدرجة الأولى، يدعمه شعور عاطفي وقلة حيلة، وطالما هي كذلك فإن فكرة اجتثاثها يعد ضربًا من المستحيل.