د. محمد عبدالله العوين
قبل غزو صدام حسين للكويت في 2 أغسطس 1990م لم تنكشف سوءات جماعة الإخوان المسلمين؛ فرغم ألم الفجيعة والدم والدمار الذي أصاب الكويت والخيبة التي سحقت معاني الأخوة والعروبة والجوار مع العراق؛ وبخاصة إبان وقفته الشجاعة قبل الاعتداء على الكويت ضد الأطماع الفارسية المجوسية في العراق والمنطقة العربية؛ إلا أن تلك الكارثة كشفت لنا إضافة إلى حماقة صدام خبيئات ما كانت تخفيه الجماعة وعدد من الأنظمة العربية وبعض الشعوب العربية -مع الأسف- ضد المملكة ودول الخليج العربي.
فقد امتلأت عواصم عربية عدة بمظاهرات قادتها الجماعة مؤيدة الغزو وباثة دعاوى امتلأت حقدًا ونزت صديدًا على المملكة، ورفعت اللافتات المحشورة بصور صدام انتقامًا من بلادنا.
ربما كان من حسنات تلك الأزمة أن زعامات الجماعة في مصر وتونس والجزائر والسودان وموريتانيا واليمن وفلسطين ظهروا علانية للملأ وكشروا عن أنيابهم؛ فتوطن اليقين بأن استخدام الشعارات الدينية ليس إلا لخداع العامة والغوغاء وأن مفهومات «التغيير» و»الانقلاب الإسلامي» و»الحاكمية» و»الطليعة الإسلامية» و»جاهلية القرن العشرين» لم يكن معناها الوحيد إلا إثارة الفوضى في المنطقة للقفز على سدة الحكم في كل قطر من أقطار الوطن العربي، وهو ما صنعوه لاحقًا في فوضى الخريف العربي التي بدأت مطلع عام 2011م.
لقد تكشف الوجه الحقيقي لرموز الإخوان مثلا: يوسف القرضاوي، محمد حامد أبو النصر، راشد الغنوشي، علي بلحاج، حسن الترابي، محفوظ بن نحناح، وغيرهم.
وكان التنظيم الدولي للجماعة رأس الحربة في الجانبين السياسي والإعلامي؛ أما في الجانب التنظيمي وحشد الجماهير فكانت فروع وشعب الجماعة في كل قطر عربي تنهض بتلك المهمة؛ حتى أوشك الحق أن ينقلب إلى باطل والمظلوم المعتدى عليه إلى ظالم معتد والمحسن إلى مسيء، بما أحدثته الجماعة في الشوارع العربية الكبرى من ضوضاء وضجيج وما اختلقته من أكاذيب وأباطيل، فقد دغدغت أحلام الشعوب الفقيرة؛ فأطمعتهم بشعارات فاجرة كدعاوى تقسيم الثروة ونحوها من أقاويل الادعاءات الضالة.
ولم يقتصر تهييج الجماعة على ما صنعته في العواصم العربية؛ بل اشتغل فروخها المختبئون لدينا في الداخل ممن كانوا يسمون بـ»الشيوخ الشباب» بتوجيهات قادتهم هناك؛ فاستغلوا الحدث وانتهزوا فرصة انشغال الدولة بمواجهة الموقف السياسي والعسكري الصعب فراحوا يبثون الإشاعات ويصدرون البيانات والمذكرات ويرسلونها بالفاكسات إلى الصحف ووسائل الإعلام في الداخل والخارج، ويتوعدون ويرهبون من يعتقدون أنه يحمل فكرًا مختلفًا عن فكر الجماعة فوزعوا تصنيفاتهم وأعلنوا أنهم سيعاقبون من يقف أمام توجهاتهم.
لقد وقف المنتمون إلى الجماعة أو المتأثرون بأفكارها في الداخل ضد وطنهم وقيادتهم؛ لما خيل لهم أن تلك الأزمة فرصتهم للانقضاض على الدولة والمجتمع؛ ولكن الله خيب ظنهم بصلابة وشجاعة وحكمة موقف الدولة تجاههم.
أما بعد؛ انكشف الغطاء عن الجماعة بعد توالي أحداث مرة لاحقة حسمت أمر اجتثاث فكرهم إلى الأبد.