د. أحمد الفراج
في ظل الحديث عن الانقسام الحاد، الذي يعيشه المجتمع الأمريكي، تحدثت في المقال الماضي عن إلقاء القبض على ضابط أمريكي، يعمل في سلاح الحدود، وما ورد من تفاصيل بعد الاعتقال، يبيّن بوضوح، أن هذه الحادثة تجاوزت كل حدود ممكنة، فالضابط المذكور كان يخطط للقيام بعمليات اغتيال، مثل تلك التي نشهدها فيما يطلق عليها دول العالم الثالث، فقد تعودنا أن نسمع عن حوادث عنصرية، خصوصًا من قبل رجال الشرطة البيض ضد السود، وهي حوادث يثبت غالبًا أن دوافعها عنصرية، وهي الحوادث التي زاد عددها، منذ فوز أول رئيس أسود، وكذلك يحدث أن يصدر تصريح عنصري من سياسي هنا أو هناك، وهي ما يتم تبريرها على أنها زلة لسان، وغالبًا زلات اللسان تكشف مكنون القلوب، أي الانطباع المتجذر، الذي يصعب التخلي عنه تماما!
لا يمكن أن ننسى عندما قال الرئيس بوش الأب للرئيس ريجان: «دعني أعرّفك على أبنائي الملوّنين»، ويقصد أبناء ابنه جيب بوش، الذين يميل لونهم للسمرة، حيث أن والدتهم لاتينية، أحبها جيب وتزوجها، أثناء إقامته في المكسيك، كما نتذكر الرئيس بيل كلينتون، عندما قال بعد فوز أوباما بولاية جنوب كارولينا، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في 2008: «إن جيسي جاكسون سبق أن فاز بهذه الولاية»، وجاكسون كان مرشحًا سابقًا أسود للرئاسة، في زلة لسان كارثية لا تحتاج لشرح وتفصيل، وغير هؤلاء كثير، زلّت ألسنتهم في حالة غفلة وغضب. هذا، ولكننا اليوم بصدد تصعيد خطر وغير مسبوق، فالضابط المعتقل، كريستوفر هاسون، كان يخطط لاغتيال ساسة وإعلاميين يساريين، بسبب هجومهم المستمر على ترمب وإدارته!
شملت قائمة الضابط المعتقل ساسة عيار ثقيل، مثل عضو مجلس الشيوخ، تشيك تشومر، وزميله كوري بيكر، وعضوة مجلس النواب، الكساندريا كورتيز، وساسة آخرين، علاوة على مذيع قناة سي إن إن، دان ليمون، والمعلق الشهير، كريس كومو، ابن حاكم ولاية نيويورك السابق، وفان جونز، وكذلك أشهر إعلاميي اليسار، المعلق كريس هيز، من قناة إم إس إن بي سي،
وأشارت سجلات المحكمة إلى أن الضابط المتطرف، كان يطمح بأن يكون مثل المتطرف النرويجي، اندريس بريفك، الذي قتل 77 شخصاً قبل سنوات، وبالتالي كان يقلدِّ مسيرته، إذ يتدرب ويستخدم المقويات، لتكون عونا له في ممارسة عمليات الاغتيال، وقد جاء اعتقال الضابط كصاعقة لكل المتابعين والمعلقين، إذ إن الأمر جلل، وسنواصل الحديث.