د. صالح بن سعد اللحيدان
هذه كلمة أوردها في هذا المعجم وأبثها على وتيرة تصنيف الأولين ولن أعدوا طريقة المتأخرين ولكن بشيء من الإضافة التي قد لاحظها كثيرون في هذا المعجم بين حين وحين.
والعلة قد تكلم عنها كثير من العلماء والنقاد وذلك خلال عهود متفاوتة من الصوفية والمتكلمين والأصوليين والفلاسفة وكذلك علماء الأحكام الشرعية كما قد تناولتها أيادي الطب النفسي في تعليل وبيان كثير من الأمراض النفسية والعقلية.
ولما كانت كذلك فبإذن الله تعالى أبينها باطراد مستقر على حال الاختصار ولا مضارة في هذا إذا بأن المراد منها فأبدأ قائلاً:
1 - العلة كما حكى أهل اللغة أنها كل شيء خفي معناه.
2 - وحكى آخرون أن العلة ما كان غامضًا في حالات كثيرة.
3 - والعلة من وجه آخر هي الشيء الحاصل من حيث المعنى.
4 - وذهب جملة من علماء الكلام والطب النفسي السريري أنها قد تكون خافية وذلك لقصور العقل البشري.
5 - وقال آخرون إن العلة هي الشيء المبهم أو الشيء المسبب لحدوث شيء ما.
6 - وذهب الأصوليون جملة من علماء أصول الفقة أنها ما يكون بسببها حصول الحكم الشرعي.
7 - ووجدت حسب تجربتي في القضاء الجنائي والتحليل النفسي التطبيقي أنها تراكم الحالات المنسية في اللا شعور الذي بسببها يحصل المرض النفسي أوالإلحاد مثلاً.
8 - العلة نشدان البديل لفقد شيء ما كحال النرجسي والمتكبر والملحد.
9 - العلة فقدان الثقة بالنفس لكن في حال غموض شديد الخفاء.
10 - العلة الزهو وتلبس الثقة بالنفس للحصول على الشهرة مثلاً.
11 - العلة عند علماء الحديث هي شيء غامض يقدح في صحة السند أو المتن مع أن الظاهر السلامة من الخلل.
12 - العلة تلمس أسباب لا تصح لتبرير التعدي والحيف.
13 - العلة قد تكون خافية حتى على كبار العلماء والمحققين في بعض الحالات ومن هنا ترد الحاجة إلى المجتهد الموهوب المطلق.
من أجل ذلك تعتمد بعض الدول المتقدمة إلى إنشاء هيئات أو مجامع علمية أو مراكز كذلك لنظر فقه النوازل ودقائق الأحكام ولو من وجه قريب.
ولعلي أبين شيئًا لبعض حالات العلة التي يمكن القياس عليها لمن تأهل لذلك وتجرد ووهب سعة النظر.
فخذ مثلاً (خسوف القمر أو كسوف الشمس) فالسبب يكون معلومًا كما نسمع في وسائل الإعلام ولكن العلة إنما هي تذكير العباد للإخلاص في القول والعمل وهذا ما قد يخفى على البعض فيتم الخلط بين السبب والعلة.
وخذ مثلاً ما تناوله القضاء الموهوب وعالجته كثيرًا التردد وإحمرار الوجه والخوف اللا شعوري أمام القاضي، فالعلة هنا قد تكون أنه لا يحسن الكلام أو أنه خائف أو أنه مهدد من غريمه.
وخذ الإلحاد فالعلة هنا في دهاليز الطب النفسي التجريبي عدم توجيه الطموح توجيهًا جيدًا تتفق فيه الغرائز مع الوجدان مع السلوك وعبادة العدم تؤذي صاحبها ليل نهار ولهذا فالملحد فيه جرأة وكثرة حركة واستفزاز كتعبير عن المعاناة الاكتئابية التي قل من يدركها إلا من خلال الجلسات العلمية الدقيقة المتناهية في الدقة.
من أجل ذلك فالعلة ذات أمر لا بد من الوقوف عليه ذلك أن المرء قد لا يدرك الأبعاد التي يجب أن يقف عليها.