قد يكون ذلك! ولمَ؟
عند الدول الدكتاتورية ليس هناك صعوبة في أن يجدوا حلولاً للقضاء على قوميّة معينة أو دين أو مذهب كان ذلك في الماضي وها هو يتجدد مرة أخرى ولكن باستراتيجية بعيدة المدى،
فإذاً مسألة التطور أو حقوق الإنسان التي أتت بها الحداثة أو العولمة ليست إلا هراء تنبعث بين زمن وآخر حسب احتياج القوة المسيطرة أياً كانت! وحسب المصالح التي تعني للآخرين الشيء الكثير ولو باع ما لم تتوقع بيعه! فالموريسكيون العرب حتى بعد التنصر اُضطهدوا وقُتلوا وعذبوا شر تعذيب عند محاكم التفتيش الإسبانية الذي يرجع تأسيسها في أوروبا إلى الملكين القشتاليين إيزابيلا وفرناندوا بمباركة وأمر البابا بنتو الرابع على أن صاحب الفضل في ذلك يرجع إلى البابا غريغورس في القرن الرابع عشر وقد توسع الأمر في عهد المجرمين فيليب الثاني والثالث وازدادت مباركة كنيسة روما فيما بعد والتشجيع من قبل البابوات دون خجل أو رحمة! ثم حين لم يروا من ذلك فائدة كبيرة قرروا سنة 1609م طرد الموريسكيين العرب من إسبانيا كلها وانظر إلى الفظائع في القتل الجماعي والتشريد والنهب والسلب والتعذيب! ويرجع كل ذلك إلى ضعف الدولة من الداخل والفساد المستشري آنذاك فكانت الكنيسة النصرانية تتحكم في مصير الناس كما يريد رجال الدين وبتأثير مباشر على السلطة الحاكمة وهكذا تكون كل دولة لا تستطيع أن تسيطر على أمنها، واستصدار الأوامر سهل جداً في مقابل الرُشى والمحسوبيات يقول المؤرخ الإسباني دانفيلا كويادو: (إن كل شيء في إسبانيا في ذلك الحين كان يباع: القضاء والشرف والأخلاق حتى أصبح يمكن الاعتراف بشرعية أبناء الأكليروس! وكان تطبيق القوانين والأنظمة مصدر إثراء وربح للقضاة والموظفين والحكام) .
عندما أرى قوافل البشر في العراق وسوريا قد تركوا قراهم ومدنهم ودورهم ولم يكن بوسعهم حمل ما يمكن حمله! وقد خلّفوا وراءهم حُرقة من الحزن ومرارة من الانكسار ولم يبق لهم سوى شفقة من الحياة تمن عليهم بالعيش يطئون بها أرضاً ترزقهم بقليل من الأمن بعد أن حرقت الحرب أخضرهم ويابسهم ويتّمت ورمّلت حتى غدا الموت لا يُعبأ به في أي صورة كان حضوره.
هؤلاء موريسكييو القرن الواحد والعشرين قد رجعوا مرة أخرى بثياب عربية أيضاً وبلسان عربي لا يقبل الشك يزفّهم أصحابهم تحت التهديد والوعيد والتعذيب والقتل إلى كرنفال الهجرة القسريّة دون محاكم تفتيش ولا مباركة البابا لأنهم استنفدوا فرص الولاء للصنم فكان عليهم أن يتطهروا من أعباء هذا الذنب العظيم هكذا دون رحمة أيضاً!
في انجلترا حين قام كرومويل بقتل كل الكاثوليك دون شفقة تذكر ومن ذلك ما يُروى سنة 1649م حين أمر بقتل المدافعين عن سانت بارتيليمي من الرجال والنساء والأطفال دون تمييز! قال له أحدهم: لعل هناك بعض المؤمنين الحقيقيين فيهم! رد عليه بعبارته الشهيرة: اقتلوهم جميعاً عن بكرة أبيهم فالله يعرف عباده الصالحين!
** **
- زياد بن حمد السبيت