تصاب بالدهشة ويأخذك الدوار على ما وصل إليه حالنا مع الأنظمة، أو أية ضوابط أو تعليمات تصدر من الجهات الرسمية لدينا، فالمنظر ضبابي ولا يمكن فهم كنه، بل إن الصورة غير واضحة ولا يمكن رؤية ما وراءها، ومع إيماننا بأن هناك العديد من الأنظمة المعقدة التي لا نفهم لماذا وضعت وما هي الفائدة المرجوة منها، أو إنها تحنطت بفضل ما مر عليها من سنوات وهي جامدة كالمصلوب، إلا أن غالبية الأنظمة ما وضعت إلا لك ولي، ولحفظ حقك وحقي.
عبث واستبسال ومنافسة، وجهود تبذل في سبيل الاستزادة والمجاهدة لاكتساب العديد من الآثام والخطايا. مرافق عامة يكسر أثاثها وتتلف محتوياتها، حتى يخيل إليك إن هناك هجمة بربرية أتت عليها من عدو خارجي، فكل من يستخدم هذه المرافق يستخدمها وكأنه سيستخدمها لمرة واحدة فقط، ولن يضطر لاستخدامها مرة أخرى، وخذ مثالاً على ذلك بدخولك لأي دورة مياه (أكرمكم الله) في أي مسجد أو سوق، أو مطار. ومما يزيد الطين بلة أن الصيانة قاصرة أو معدومة في معظم الأحيان.
ومثال آخر عندما تسير على طريق سريع بين مدن المملكة الحبيبة، ستفاجأ بالعديد العديد من المتطوعين الذين لولا الحياء لنزلوا من سياراتهم ليخبروك أن أمامك راداراً لضبط السرعة، وأن عليك تخفيض السرعة حتى لا يمسك بك المرور ويحرر لك مخالفة. إشارات وتكبيس بالأنوار وتلويح بالأيادي من أشخاص لا يعرفونك وليس بينك وبينهم أي صلة ومع ذلك يبذلون كل هذه الجهود لتحذيرك من أن تطبق عليك الأنظمة، يا الله! ألهذه الدرجة وصل كرهنا للأنظمة، ولو تساءلنا لماذا وضعت هذه الأنظمة التي تقيد السرعة، أليست الفائدة لي ولك، ألا يكفينا هذا العدد الكبير من الأرواح التي أزهقت بسبب جنون السرعة، ثم ألا تخاف أن تقع ضحية لواحد من عشاق السرعة هذه، إنها عقول تم إلغاؤها فباتت ترى المنكر عملاً صالحًا والأنظمة عدواً يجب تحطيمه والتمرد عليه عند أي فرصة تسنح لذلك.