فهد بن جليد
وسائل التواصل الاجتماعي لا تصلح - برأيي- أن تكون وسائل إعلان رئيسة وأساسية، التجربة المعاشة في السوق اليوم لمن يقرأ الصورة بشكل صحيح تؤكد ذلك، فالتأثير الذي تحققه هذه الوسائل ومشاهيرها لا يدوم طويلاً وإن كان سريعاً، فهو أشبه بالفلاش الذي يلفت الانتباه فقط نحو الاتجاه، لكنه لا ينير طريق الوصول للمكان ولا يقدم معلومة تعريفية حقيقية كما هي مهمة الإعلان، فكثير من التجار ورجال الأعمال وأصحاب المشاريع ممَّن خسروا أموالهم باستبدال وسائل الإعلان الحقيقية بتلك المنصات - ذات تاريخ الصلاحية القصير - في دوراتهم المالية الماضية، بدأوا رحلة العودة للاعتماد تدريجياً على الوسائل التقليدية، مع الحفاظ على البقاء في ساحة السوشيال ميديا كضرورة عصرية، ولكن بعد أن أعادوا جدولة قيمة الإعلانات والأسعار التي تناسب حقيقة وتأثير هؤلاء المشاهير بعيداً عن المبالغة، وما قبول كثير من المشاهير بربع قيمة الإعلان السابق إلا دليل على ذلك.
أشفقُ كثيراً على بعض السُذَّج من أصحاب الأعمال والمشاريع التجارية الصغيرة التي تعاني كساداً (مطعم، بوفيه، شقق مفروشة، استراحة ...إلخ) وما زالوا يزيدون من كسادهم وخسارتهم بالاستعانة بمشاهير السوشيال ميديا للإعلان والترويج بحثاً عن لفت الانتباه والوصول للناس، معظم هؤلاء ومن واقع تجارب قالبتها وعايشتها يحققون تأثيرا فوريا محدودا ومؤقتا، سرعان ما ينطفئ بسرعة هذه الوسائل وديناميكيتها وحركتها، ويعودون إلى المربع الأول بعد أن خسروا قيمة الإعلان وطار الزبون، لأنَّه ببساطة اتجه إلى إعلان آخر عند نفس الشخص الذي دله عليك في المرة الأولى، وهذا ما يؤكد أنَّنا أمام لحظات تأثير آنية وفورية غير منضبطة، لا يمكن أن تكون بيئة صحيحة للإعلان أو صناعة الرأي، أو تقديم المحتوى الناضج، بل هي (فلاشة يومية) ذات سعر منخفض وتأثير محدود.
أنا شخصياً لا أثق ولا أصدق في أرقام مشاهدات (السناب شات، اليوتيوب، ترند تويتر، انستقرام، فيس بوك..) في الغالب ومن خلال تخصصي وخبرتي ومعرفتي التي لا أدعي أنَّها (شمس شارزه) على كل شيء في الإعلام، أعتقد أنَّنا ضحايا كذبة كبيرة لها أطراف متعدِّدة، وسوق تجاري لبيع المتابعين وتسليط الضوء بمعظم تلك الأرقام الوهمية، ولو كنت أملك شركة لما رميت مالي في (بحر لجي) يغشاه أصحاب الخرافات والأساطير، فمعظم مشاهير تلك الوسائل أشبه (بالهولوغرام) يبثون خيال نجاحاتهم وتأثيرهم أمام أعيننا فقط، دون أن يكون لهم حضور حقيقي، وعندها سيكون الإعلان إحراق مال بفتيل من الشهرة.
وعلى دروب الخير نلتقي.