العقيد م. محمد بن فراج الشهري
مرّت سنوات على الحرب في اليمن وعبث الحوثيون بمقدرات وحياة الشعب اليمني, وأذلّت قبائله وأهانتهم.. وجوّعت شعب اليمن وأكلت ثرواته وما يصله من مساعدات.. بعدما قدمت الوعود تلو الوعود للقبائل والأعيان الذين ظنوا أنهم سيجنون المعالي عن الأيام الخوالي فما جنوا إلا الخيبة, والعار, والدمار, واستفاقت قبائل اليمن بعد خراب مالطا.. والآن يظهر لنا على ساحات القتال الصراع بين القبائل والحوثيين بعد أن تبين لهم أن هذه المليشيات ما هي إلا صناعة إيرانية بحتة ليس لها علاقة باليمن ولا تاريخه ولا مستقبله ولا شعبه ومن كان يدعي (الزيدية منهم) خرج منها وارتدى العباءة الخمينية الإيرانية, وعلى رأسهم عبد الملك الحوثي الذي يلعب على المذهب الزيدي, ولكن بالمغالطات الاثنى عشرية الإيرانية, حيث استحدث ما يسمى المجلس الزيدي الإسلامي, وعين أعضاءه من الموالين له, كما يترأس هذا المجلس ابن عمه عبدالمجيد الحوثي, والحركة الحوثية كانت زيدية المذهب, ولكنها فكريًا وسياسيًّا خمينية, وأخذت أفكار الخميني وصدرتها لليمن على أنها المنهج الذي يسيرون عليه ويتمسكون بها, إضافة إلى ذلك فإن الحوثيين عندما دخلوا وسيطروا على صنعاء, قام عبدالملك الحوثي مباشرة وأسس ما يسمى الوثيقة, وحاصر كل علماء الزيدية مثل العلامة المنصور, والعلامة حمود عباس المؤيد, وغيرهم من علماء الزيدية ثم قام الحوثيون بمحاصرة أولئك العلماء وفق خطة إيرانية وبعد ذلك أجبروهم على توقيع ما يسمى (الوثيقة الفكرية) التي مثلت رسالة إقناع وتخدير لأبناء الزيدية بالتسليم لعبدالملك الحوثي وعائلته بقيادة (المذهب الهادوي) والتصوير لهم وكأن الفكر الهادوي ركيزة رئيسية في الفكر الحوثي, ولهذا كلما يختلف الحوثيون مع أي شخص زيدي أو هاشمي يقومون باستدعاء هذه النظرية السياسية الهادوية. وهذه الوثيقة الفكرية عبارة عن خليط صنعه الحوثيون تتضمن عبارات وألفاظًا فضاضة, وفيها ما هو زيدي, وجارودي, وإيراني, وتطالب الجميع بالالتزام بها وقد كان من الواجب على علماء الزيدية فتح مجال للرد على هذه الوثيقة, باعتبارها الميثاق الذي بايع فيها الزيدية عبدالملك وأصبح بموجبها متصدرًا للزيدية, وبات المنتمون للمذهب ملزمين بالسكوت, لأنه تم الاتفاق على ذلك من علماء الزيدية تحت مزاعم أن عبدالملك (قائد الثورة) وإنه مُلهَم ومن أهل البيت, وإنه يجب توريث الفاضل. ورغم أن الوثيقة مبنية على باطل لكن الزيدية أُزموا بها, بينما قام الحوثيون بتصدير من سموهم علماء من الأشخاص الموالين لعبدالملك, وتم استبدال المذهب الزيدي بملازم حسين الحوثي. ولنعد إلى بداية المقالة والعنوان ولنتساءل ما الذي جعل القبائل اليمنية المحيطة بصنعاء تتغافل عن كل ما يقوم به الحوثيون من شنائع, ومصائب لم تحدث في تاريخ اليمن؟ هل هي الوعود بالجنة المزيفة, أم بالدولارات المزيفة أم بالخيانات المتوالية؟! هل ما نراه الآن على المشهد اليمني هو صحوة للقبائل من الاستعمار والخنوع للحوثيين؟ بعد أن استفاقوا من كذبة كبيرة انطلت عليهم طوال السنوات الأربع الماضية؟ نتمنى أن تكون القبائل قد أدركت فداحة مسايرتهم للحوثيين لأن ذلك كان ضد الشعب اليمني, وكان استنزافًا لأمنه ومقدراته وبنيته وضياع ما بعده ضياع.. وما تقوم به قبائل (حجور) الآن يجب أن تقوم به كل قبائل اليمن فلن تسهم الأمم المتحدة في إخراج اليمن من عثراته بل ستزيده عثرات وهذا ما ذكرته في مقالاتي السابقة حول اليمن, ولولا الأمم المتحدة لكان موضوع الحوثيين منته منذ زمن.. وعلى قبائل اليمن أن يدركوا هذه الحقيقة ويستفيقوا من غفوتهم ويهبّوا هبّة رجل واحد شرق وغرب وشمال وجنوب ضد هذه العصابات الوحشية الإيرانية.. ولن ينقذ اليمن ويخرجه من محنته إلا صحوة أبنائه.. إذا نبذوا خلافاتهم واتحدوا لوقف هذا المدّ الحوثي الإيراني الذي يسيطر على مقدراتهم ويشتت شملهم وينهب أموالهم ويهين أبناء اليمن الأحرار ويجعلهم تحت خط الفقر, والعوز, والدمار..