محمد المنيف
لا أعتقد أن يُنسى من التشكيليين الذين بدأت معارضهم مع الإدارة العامة في وزارة العمل والرئاسة العامة لرعاية الشباب الأستاذ عبد الرحمن العليق، هذا الرجل الذي رغم اهتماماته الرياضية الكبيرة والمساهمة في بناء الحراك الرياضي السعودي كان أيضًا يدير الأنشطة الثقافية، التي منها الفنون التشكيلية.
هذا الرجل يملك كاريزما، تُبقي علاقته مستدامة في قلوب محبيه، وغيرهم من مختلف التخصصات الثقافية الفنية.
كلما ألتقي أبا محمد أشعر بتقصير في التواصل معه.. إنه رجل التواضع والعصامية والوفاء والوطنية. التقيت به في أول معارضي عام 1394هـ (74م) عندما طلبت إجازة لوحاتي لمعرضي في فندق زهرة الشرق بالرياض، وكان وقتها في الإدارة العامة للأنشطة في رعاية الشباب التابعة لوزارة العمل، وعلى رأسها الأمير خالد الفيصل، ثم الأمير فهد بن سلطان، قبل أن تتحول إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب بقيادة الراحل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد ومَن تولاها بعده؛ إذ كان الأستاذ عبدالرحمن أحد قادتها الداعمين الذين أسهموا في بناء الثقافة بكل روافدها، ووصولها إلى العالم من خلال الفعاليات الثقافية التي تقيمها الرئاسة. هذا الرجل لا تُنسى مواقفه ولا اهتماماته بالفنون التشكيلية، وبالفنانين الذين أسسوا قاعدة هذا الفن في وقت تشح فيه الثقافة والانتشار، ومع ذلك كان مكتب الأستاذ العليق لا يتوقف أو يخلو من الفنانين ومن معاملات المناسبات الثقافية التي يحرص على أن تكون الفنون التشكيلية جزءًا منها.
قد لا أوفي هذا الرجل حقه في أسطر قليلة؛ ففي جعبته وذاكرته ما يملأ الكتب وليس مقالاً.. كان لي حظ بموافقته على اللقاء به لهذا الشأن، لكنني أقدر ظروفه، وأتحاشى أخذ شيء من وقته.. ومَنْ يُرِد الاستزادة في معرفة دوره فليعُد إلى إصدارات المعارض التشكيلية التي تزدان بكلمات الراحل فيصل بن فهد أو أصحاب السمو من بعده الذين تولوا الرئاسة، وكان الأستاذ العليق مسؤولا أول عن الثقافة، ترافق كلماته كلماتهم، أو تتصدر تلك الكتيبات.
الأستاذ عبد الرحمن العليق أهم شاهد على أهم مراحل الفن التشكيلي، ومن أبرز المساهمين في بنائها، وتقديم أجيال أصبحوا اليوم في مراتب الريادة التشكيلية.
لقد كتب الأستاذ عبد الرحمن «ألف باء» الفن التشكيلي، ومنح البقية إكمال الأسطر التي أصبحت اليوم كتبًا ومعلقات تشكيلية، يمثلها فنانون وفنانات، يسعون اليوم نحو تحقيق رؤية الوطن وقيادتها نحو المستقبل.. فحُق لي أن أذكر أحد الرجال الأوفياء في الماضي، وأثرهم في الحاضر، وهم أحياء.. داعيًا الله للأستاذ الأخ والصديق عبدالرحمن العليق بدوام الصحة والسعادة.