هدى بنت فهد المعجل
سمة المثقف البارزة في الغالب الفوضوية.. وغياب التنظيم، والترتيب، ليس في شؤونه كلها..!! بل في بعض منها.. فكيف به إن كان باحثاً أكاديمياً، أو كاتباً، أو أديباً..!؟ علماً بأن فوضويته معقولة، ومقبولة، لا تنمُّ عن سوء تصرفٍ.. أو قلة تدبير...! فرغم كونه قد اقتطع من غرف منزله غرفة مكتب له تضم كتبه... ووريقاته... وأقلامه... وقصاصات صحفه ومجلاته!!
إلا أنه لا يمنع من أن يتسلل كتاب ما إلى غرفة نومه، ومجموعة أوراق وقلم في غرفة الجلوس، وجريدة هناك، ومجلة هنا يرافقها مقصٌ لا ينفك يلازمه طالما أنه منهمك في قراءة إحداها.
بيد أن وضع هذا المثقف الأديب الكاتب وربما الباحث وضعٌ طبيعيٌ معقول... فقط على المحيطين به، والملازمين له ألا يحاولوا تحريك ورقة من مكانها... أو سحب فاصل من جوف كتاب... والزائر لعائلة هذا الفوضوي قد يظن بهم الإهمال، ولن أقول القذارة، لأن صويحبات المثقف من الكتب، والأقلام، والأوراق لم تكن في يوم قذارة.. سوى من يجهل قيمتها... ويعجز عن تثمين قدرها.
فوضوية المثقف طبيعية بالنسبة له... مرفوضة ممن حوله، فمن المعقول أن نجده فوضوياً عند تسجيله لمعلومة، أو رقم هاتف لفلان من الناس، أو اسم كتاب قرأ عنه وسجله بغية اقتنائه متى ما سنحت له الفرص... أو فكرة خطرت بباله أثناء قيادته للسيارة... فلو قلّبت علبة مناديله، أو نهاية كتبه، وجدته قد اتخذها مفكرة له في وقت غياب مفكرته وبعدها عنه... ومع ذلك أصرُّ على أن فوضوية المثقف طبيعية بالنسبة له... مرفوضة ممن حوله في غالب الأحيان... ولكنه قطعاً أي المثقف يرفض الفوضى، وينفر منها، بدلالة أنه يهتم بترتيب كتبه في رفوفها، وتصنيفها، وفهرستها، فإذا رغبت في كتاب منه وصل إليه بسهولة، ودون عناء، طارحاً الفوضى أرضاً، ورافضاً لها...!! فهل نجد الفئات الأخرى تقف في وجه الفوضى، وتقضي عليها، أو تحدُّ من انتشارها.