عروبة المنيف
اطلعت منذ أيام على خبر اعتبر فيه شيخ الأزهر «أحمد الطيب»، أن مسألة تعدد الزوجات هو «ظلم للمرأة»، وأنها ليست أصلاً في الدين الإسلامي. وقد لاقى تصريح الشيخ ترحيباً لدى المجلس القومي للمرأة في مصر، وأثار تعليقات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها كان معارضاً وبشدة والبعض الآخر مؤيداً، ما استدعى الشيخ لأن يظهر بياناً آخر يؤكد فيه، بأنه تحدث عن «فوضى التعدد»، وأن آية التعدد الكريمة تقيد التعدد «بالعدل بين الزوجات»، ورد على من يعتبرون التعدد بين الزوجات هو الأصل، «بأنهم مخطئون».
لقد أجاز أيضاً سماحة الشيخ عبدالله المنيع «المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء»، عمل المرأة كمأذونة أنكحة وكاتبة عدل ومفتية، وأن تكون عضوًا في هيئة كبار العلماء. تلك الفتوى مهمة جداً في تحريك المياه الراكدة في قضايا المرأة المصيرية لإنصافها. لقد افترض سماحته في لقاء له بأن المرأة العادلة والمؤهلة لا بأس بأن تكون مأذونة وعضوًا في هيئة كبار العلماء، مستشهداً بأن مجموعة من زوجات الرسول كن مفتيات وعلى رأسهن السيدة عائشة -رضي الله عنها- والتي تعد من فقهاء أصحاب الرسول.
إن عمل المرأة كمأذونة أنكحة يتطلب منها أن توثق نكاحاً، فهل عندما يأتيها رجل معدد أو متزوج بالمسيار، ستوثق نكاحه من دون إعلام زوجته الأولى؟!. لقد أصدر وزير العدل منذ أشهر خبراً منصفاً للنساء وهو خبر تفعيل خاصية إشعار المرأة بطلاقها عبر الرسائل النصية القصيرة على الهاتف المحمول، من أجل حفظ حقوق المستفيدات وإعلامهن بحالتهن الاجتماعية، فلا تبقى المرأة مغيبة، لا تدري إن كانت على ذمة ذلك الرجل أم لا، بينما هو كان يستغل ذلك التغييب فيعاشرها بالحرام!، وقد حصل ذلك الغدر مع حالات كثيرة في السابق!.
مع توجه المملكه للشفافية والعدالة والوضوح في التعامل ومحاربة الفساد والمفسدين ومكافحة الاحتيال، إضافة إلى نهجها الواضح في مجال تمكين المرأة، فإن العدالة والشفافية والوضوح كمنهج يبدأ من نواة المجتمع، وهي الأسرة، التي يجب أن تقوم قائمتها على الوضوح والشفافية والعدالة، بحيث يضاف لخاصية إعلام المرأة بتطليقها خاصية أخرى وهي إعلامها بزواج زوجها من غيرها!. إنه بالطبع خبر «غير سار» لها، ولكن خبر الطلاق أحياناً هو غير سار لها أيضاً، ويبقى الخيار مفتوحًا أمام المرأة في أن تستمر مع زوجها المعدد أم تنفصل عنه، فالعيش بوهم وغش وخداع لا يرضي الله ولا خلقه.
يحضرني في السياق ذاته، ما توارد عن أحد مجالس العزاء في أحد مناطق المملكة، عندما كانت أرملة المرحوم متصدرة في عزائه، وبين معزيها من النساء، إذ دخلت امرأة لتعزيتها ولتخبرها بأنها هي زوجة المرحوم أيضاً ولها منه أبناء!، ما كان على الزوجة الأولى إلا أن أُغشى عليها من الصدمة، وعند إفاقتها ألغت عزاءه وطردت المعزين!.
إن دخول المرأة دائرة الإفتاء، وشغلها وظيفة «مأذونة أنكحة»، لن يرضيها تجهيل وتغييب بنات جنسها، فالشفافية والإنصاف ضرورة من خلال إعلامهن بارتباط أزواجهن بأخرى، لتجنب علاقة يشوبها الغش والكذب والتدليس!. إن ذلك الإجراء» إعلام الزوجة الأولى»، باعتقادي هو جزئية مهمة لمقاصد شيخ الأزهر في تحذيره من «فوضى التعدد».