هناك كلمات كثيرة تحتل قلوبنا وتحتاج إلى حديث، نعم هذا القلب لولا أنه حديقة غناء مليئة بالورود والزهور، ولولا أن جنباته محاطة بالرياحين، ولولا أنه قاع بحر صاف مليء باللآلي والدانات والشعب المرجانية الرائعة التي تشكل لوحات جمالية بصدفها المختلفة الأشكال والألوان، لولا أنه كل ذلك وأكثر لما أصبح هدفاً غالياً للباحثين عن أسرار الجمال ومكامنه، وعن مواطن الصدق والعطاء الذي لا ينضب، بل لما أصبح منهجاً لكل من يريد أن يتعلم كيف يقيم علاقات إنسانية صحيحة قائمة على الصدق، وكيف يجعل حياته جديدة وعلاقاته ثرية؟!

أرأيت لماذا يتحدث القلب وينادى لأنه هدف للخير ورمز العطاء والأمل، حقيقة هذه المساحة الكبيرة والمكانة التي يحتلها قلبك وقلبي أنا وأنت وهو وهي في قلوب الآخرين ليست مشاعر آنية، ولا تأتي من فراغ، ولكنها في حقيقة الأمر انعكاس حقيقي لما نعطيهم إياه من حب وعاطفة، والأهم من ذلك من تفهُّم واعٍ لظروفهم على نحو يرضونه أن الإنسان الصادق الذي استطاع وبكل عفوية وطيبة أن يدخل قلوب الآلاف من الناس وأن يكسب محبتهم، أليس جميلاً أن يقابل بالدعوات الصادقة، أن مثل هذا الإنسان ليس بالإمكان أن يكون صديقا ترافقه أو إنسانا يحتل وظيفة أو مكانة اجتماعية معينة أو غيره،، أبداً فكل منا بإمكانه أن يصبح هذا الإنسان.

مثلا الكاتب حينما يكتب ينتظره القراء على الرغم من اختلاف أسلوبه في بعض الأحيان، إلا أنه يعرف كيف يصل لقلوب قرائه، كذلك لا يعني وجودي معك واتصالي بك يومياً ورؤيتي لك بشكل مستمر لا يعني ذلك أنني أحبك محبة خاصة، كما لا يعني عدم رؤيتي لك وسماعي صوتك أن حبي قد فتر، وأن مشاعري لك قد تبدلت وأنها لم تصبح بنفس الوهج، ولكن قد يصبح الابتعاد الوقتي القصير مفضلا حينما تكثر المواجهات بسبب ظروف معينة.

نعم القلب يتحدث بقوله كلنا ضعفاء أمام الكلمة الحلوة الصادقة النابعة من الأعماق، وكل منا ضعيف أمام الطبطبة الحانية على أكتافنا والمسحة الحنون على رؤوسنا، بغض النظر عن وضعنا ومكاننا وعمرنا أو جنسنا.

إننا بحاجة حقيقية لمن يُسمِعنا ما نحب أن نسمعه ولمن يسعد قلوبنا ويريح أنفسنا.. بحاجة إلى كل هذه الأشياء الجميلة، فما بالك بحاجتنا إلى ذلك الدلال الجميل الذي ربما تعودنا عليه وافتقدناه.

نعم كلٌّ منا بحاجة إلى أن يسمع من الآخرين أشياء تشعره بقيمة نفسه، المهم هو أن تشعر بالسعادة وأنت تشعر وتلمس مكانتك الحقيقية في قلوب من تحب، لأنك حينئذ سوف تتراقص دقات قلبك فرحا ولا تستطيع أن تحتوي بكل الابتسامة الحلوة على شفتيك قلوب من تحب.