رجاء العتيبي
بات اليوم أن أي حراك اجتماعي مستقل بذاته وبعيدًا عن السياسة العليا للدولة ومؤسساتها هو حراك مشكوك فيه، مريب، له نوايا عدائية، أيا كان موضوعه، وذلك في ظل تكتلات القوى الخارجية التي تسعى للمساس بأمن الدولة، مثل: الحكومية القطرية والإخوان والملالي الإيرانية والأوردغانية الجديدة، إلى جانب بعض المنظمات الدولية التي انضمت إليهم عن طريق (الريال القطري) الذي لم يترك أحدًا إلا وسعى لاستمالته وشراء قيمه ومبادئه ومواقفه.
ما يسمى بالحراك النسوي ليس بعيدًا من ذلك، هو اتجاه مناهض لسياسة الدولة عن طريق قيم مثالية يرى فيها البعض جانبًا من الحق ولكنه من الداخل ليس سوى (جسر عبور) للإخلال بالأمن الداخلي، في ظل فشل المجابهة المباشرة مع المجتمع السعودي، لذلك هو يتحرك ويراوغ ليصل إلى طريقة تمكنه من تحريك الشارع السعودي بالعواطف والحجج والحرية المزعومة.
يمكن للجميع أن يرى الهاربة (رهف) كمثال واضح للعيان عندما استقبلتها وزيرة الخارجية الكندية في احتفالية بثتها القنوات العالمية متزعمة بذلك (نسوية سياسية) متطرفة لا تقل تطرفًا عن الداعشيات عندما يملن كل الميل باتجاه اليمين حتى أقصاه.
لذلك لا يمكن أن نثق في إصلاح أو حراك أو توجه تحت أي ظرف، ما لم يكن داخل إطار الإصلاحات التي تتبناها مؤسسات الدولة، ولعل هذه قاعدة وخارطة طريق يطمئن إليها المجتمع السعودي سواء كان ناشطًا أو متابعًا للأحداث، فالموقف السياسي اليوم إقليميًّا يحتم علينا أن نقف مع سياسات الدولة وتوجهاتها حتى لا نَؤتى من مأمننا. والحقوق تعطى باسم المواطن وليس باسم تجمعات مريبة ظهرت فجأة.
د. عبد الله الغذامي قال في معرض إجابة على سؤال في تويتر أدق ما يمكن أن يقال عن (النسوية) من منظور ثقافي، يمكن أن يعد كشفًا للعقل المغيب الذي تتراقص به مثل هذه المصلطحات، قال الغذامي: «النسوية تعني النساء اللواتي يركزن على حقوق النساء حصرًا وتحديدًا، وكأن المرأة وحدها المظلومة، مشيرًا أنها أنانية ثقافية مركزيتها المرأة مع إهمال ما عداها، مبينا أن الأمر اختلط عند البعض فراحوا يصفون كل قول ينصف المرأة بأنه نسوية ملمحًا أن الهدف هنا تمييع القضايا». انتهى.
هذه إجابة متوازنة ودقيقة من مثقف يتعامل بشكل متقن مع المصطلحات، ترجمة وتعريبًا وشرحًا وصناعة، أليس هو من صنع مصطلح (النسق الثقافي) ومصطلح (الرهط)؟ إذن هذه إجابة كفيلة بأن تقوض كل من يسعى إلى ضربنا من الداخل، وكفيلة بأن نضع لمثل هؤلاء المثقفين منصة إعلامية كبرى على أوسع نطاق فالفكر لا يجابه إلا بالفكر.
مثقفون ليس خلفهم (رهط) وإنما خلفهم وطن عظيم.