يُعد الكتاب من ضمن الكُتب التي أهداني المؤلف؛ وهي كُتب متنوّعة المشارب: الدينيَّة، والتاريخيَّة، والعلميَّة...، وغيرها من الكتيبات، والنشرات، والمطويات...، وهذه المجموعة من المؤلف سدّت فراغ المكتبة السعوديَّة؛ فأجاد فيها، والأخص كتابه: (التطوّر السياسي في المملكة العربيَّة السعوديَّة، وتقييم لمجلس الشورى)، الذي أشاد مُقدمه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وقال: لقد جاء هذا الكتاب يُساهم في ردم هذا الفراغ في المكتبة السعوديَّة بخاصة، ومكتبة العلوم السياسيَّة بعامة.
وكتابه: (المجالس المفتوحة، والمفهوم الإسلامي للحكم في سياسة المملكة العربيَّة السعوديَّة)، الذي أشاد مُقدمه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقال: إن هذا الكتاب يتناول بالتعليل، والتحليل ماهية المجالس المفتوحة في المملكة؛ لاعتبارها صورة صادقة للتلاحم بين الشعب، وقادته.
هذا وغيرها من الكتب القيّمة التي وَجدت الإشادة من القرّاء، الذين وجدوا فيها غايتهم، والتي منها كتابه الموسوم: (توحيد إمامة المصلين في الحرمين الشريفين).
يقع الكتاب في أكثر من: (100) صفحة من الحجم المتوسط، في طبعته الأولى: 1439هـ.
عرض الكتاب
إهداء: بكل ما يخطه القلم، وتفيض به المشاعر من القلب، أُهدي هذا الكتاب، وهذا العمل التوثيقي إلى قارئ التاريخ السعودي الأوَّل، وخبير صفحات الكُتب بكافات مشاربها مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله، ورعاه، وأيّده بعزه، ونصره، وتوفيقه-.
افتتاحية الكتاب
افتتحه المؤلف بحمده لله على خلقهِ، ورزقه، وهدايته...، وبالإيمان، وبالإسلام، وبالقرآن...، ولكل نعمة أنعمت بها علينا في قديمٍ، أو حديث، أو سراً، أو علانية... لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت.
وفي الكتاب
مُقدمة، وتقديم، وثلاثة فصول، وثلاثة عشر صورة فوتوغرافيَّة قديمة عن الحرم المكي الشريف، وأقوال، وأشعار كبار المفكرين، والشعراء السعوديين، والعرب...، وحواشي المصادر، والتعليقات، والتقارير، والدراسات... التي أوردها المؤلف؛ لأجل دعم كتابه دعماً علميّاً موثقاً من العلماء السابقين، والمعاصرين عن توحيد إمامة المصلين في الحرمين الشريفين.
هذا ونجد في دفتي الكتاب القيّم من المؤلف التوثيق العلمي الذي قد لا يوجد في مصدر آخر عن الفرقة بين المسلمين قبل توحيد المملكة العربيَّة السعوديَّة على يد الموحّد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، اللذين جعلوا لهم أربعة مقامات لاتجاهات الكعبة الأربعة، يُنسب كل واحد منها إلى أحد الأئمة: الشافعي، والحنفي، والمالكي، والحنبلي؛ فأصبحت الصلاة الواحدة في المسجد الحرام تُقام أربع مرات، ويُنصب لكل إقامة إمام مذهب من المذاهب الأربعة، ويُصلي أتباع لكل مذهب وراء إمام مذهبهم! فجاء الموحّد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل -طيّب الله ثراه»- ووحّد هذه المقامات على مقامٍ واحد تجاه الكعبة على ما كان عليه الرسول - عليه الصلاة والسلام-، والخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم-، وسلف الأمة الإسلاميَّة - رحمهم الله-.
قال المؤلف في مُقدمة الكتاب: إنَّ بداية فكرة هذا البحث كانت فائدة سمعتها عشرات المرات من العم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله- حينما كنت أتشرَّف بالعمل معه سنوات طويلة، وقد سمعته يُردِّد في مجلسه دائماً حتى بحضور ضيوف من خارج المملكة، كيف كانت حالة الإمامة في الحرمين الشريفين، وتشتّت المسلمين، وأن الملك عبدالعزيز - رحمه الله- حينما دخل مكة تساءل مع كبار أهالي مكة، وعلماؤها قائلاً: (من يقصد هذا الحرم الشريف معتمراً، أو حاجاً ويرى هذه المقامات، وكل يصلي وحده فكيف يُعرف من يصلي خلفه من تلك الجماعات؟؟)، وحينها وبعد أن استشار العُلماء، وكبار أهالي مكة أصدر أمره - رحمه الله- بتوحيد الإمامة في الحرمين الشريفين.
وجاء في تقديم الكتاب
قال الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد: (إنَّ هذه الدراسة مسلكاً علميّاً لدراسة المسائل العلميَّة من خلال المجريات العمليَّة، فإن توثيق الآثار في أعمال بعض المسائل العلميَّة يُجلّي طبيعة المقاصد المستهدفة من هذه المسائل، فعناية المؤسّس الملك عبدالعزيز - رحمه الله- بتوحيد إمامة المصلين في الحرمين الشريفين يوضّح مدى قلقه - رحمه الله- من الاختلاف، وإدراكه لعظم آثار نتائج الائتلاف على المجتمع خصوصاً، وعلى المسلمين عموماً).
وقال مُقدمه الآخر
الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس: (حينما رأى الملك المؤسِّسُ هذا المشهدَ الذي تجلَّت فيه ملامحُ الافتراق، والاختلاف بما يتنافى مع وحدة الأمَّة، في صلاتها التي هي أعظم شعائر الدين، وفي الحرمين الشريفين، اللذين هما مَهْوَى أفئدَةِ المُسْلِمِين، وَأطْهَرُ بِقَاعِ الأرْض إلى يوم الدِّين... حينها أدرك المؤسِّس هذه الآثار السلبيَّة المترتبة عن تلك المقامات المحدَثة في الحرمين الشريفين، وما تؤول إليه من تفريق وحدة الأمَّة، وحدوث الشقاق بين أفرادها، وتأجيج التعصُّب المذهبي، فاستنكر -رحمه الله - هذا الوضع، وقرَّر أنَّه لَن يَصُدَّ تَيَّار هاتيك التَّشَتُّتِ، وأتِيَّه، ولَنْ يُقوِّم مُعوَجَّه، وعَصِيَّه، إلاَّ اجتماعُ المصلِّين في الحرمين الشريفين على إمامٍ واحد).
فصول الكتاب
الفصل الأوَّل: اختلاف الأئمة.. رحمة. وجاء فيه: (على الرغم من ورود الاختلاف بين العلماء الشرعيين في الأعراف الفقهيَّة؛ بل والاتفاق عليه فيما بين الراسخين من أهل العلم، وفق نصوص أثرت عنهم- رحمهم الله جميعاً- ...).
كما تحدّث المؤلف في هذا الفصل عن بيان أسباب الاختلاف، وهي: (الاختلاف في ثبوت النص، وعدم ثبوته، والاختلاف في فهم النص، والاختلاف في طُرق الجمع، والترجيح بين النصوص المتعارضة، والاختلاف في القواعد الأصوليَّة، وبعض مصادر الاستنباط).
الفصل الثاني: الملك عبدالعزيز.. موحّد صفوف الأئمة في الحرمين الشريفين.
وجاء فيه: (الأحاديث النبويَّة الشريفة التي حذّرت من الفرقة، ودعت للوحدة، والمحبة، والأخوة...، ونبذ الفرقة، والبغضاء، والمشاحنة. وأقوال العلماء، والمؤرِّخين، والرحالة عن تعدّد المقامات على أربعة مذاهب إلى أن أمر جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود قبل توحيد المملكة بست سنوات بتوحيد جماعة المصلين في الحرم المكي خلف إمام واحد، وإلغاء المقامات الأربعة، ومنع تعدّد الأئمة للفرض الواحد).
الفصل الثالث: الأمة الإسلاميَّة تشيد بموحّد جماعتها:
وجاءت الإشادة نثراً، وشعراً، ومنهم: الشيخ حسين باسلامة... مؤرِّخ الحرمين، وقال: (إن الله تعالى قد خصّكم بخدمة الحرمين الشريفين، وجعلكم حامي حمى بلده الأمين، ومدينة نبيّه سيد المرسلين محمد - صلى الله عليه وسلم-، فقد حميتموهما من تعدي المعتدين، وقطعتم دابر المفسدين، ونظّمتم الدوائر، وأمنتم السبل، وأصلحتم الطرق، حتى أصبحت وفود بيت الله الحرام يُؤدون مناسكهم في أمان، واطمئنان تحت رعاية الله تعالى، ثم رعايتكم).
وكتب المفكر السعودي الدكتور حسن بن فهد الهويمل عن صفة التسامح لدى المؤسّس وقال: (فالصفة المحوريَّة حين تطغى على ما سواها تكون بمثابة الروح للأمة، ويقيني أن الذين يُنقبون في مسيرة المؤسّس يجدون هذه الروح بارزةً كأنصع ما يكون البروز، ثابتة كأرسى ما يكون الثبات، غالبة كأقوى ما تكون الغلبة، ومن ثم يحق لي أن أقول: أنّ (التسامح) يُمكن أن تكون هي روح الأمة آنذاك، وهي الخلقيَّة التي انطوى عليها الملك عبدالعزيز في معركتي التكوين، والبناء).
وهذا عباس محمود العقاد أحد الروّاد الكبار من أعلام عصر النهضة في مصر، صاحب العبقريات الشهير في كتابه: (ذكرياتي مع عاهل الجزيرة العربيَّة)، الذي يجسّد تفاعله مع شخصية المؤسس الآسرة، ومع صنيعه الكبير الذي أسداه للأمة بتوحيد صفوفها في الحرمين الشريفين، وتطهيرها من كل ما يشوبها من بدع...، فأبدع أديب العربيَّة، وكاتبها الأكبر، وشاعرها العظيم (العقَّاد) هذه القصيدة بين يدي الملك عبدالعزيز آل سعود في اليخت الملكي (المحروسة)، وذلك في: 5 صفر 1365هـ، وهذا مطلعها في مدح المؤسس:
أسد العرين يخوض غيل الماء
يا بحر راضك قاهر الصحراء
حياة باديها وحاضرها معاً
فاغنم تحية يومه الوضاء
يوم من البشرى يردد ذكره
ركب السفين وجيرة البيداء
عش (يا طويل العمر) عيش معمر
تحيا به أمم من الأحياء
وقال الأستاذ خير الدين الزركلي مُعدداً المزايا الشخصيَّة التي تحلّى بها جلالة الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه-:
تتطاحن الفرسان وهو كأنه
ما بينها علم يموج وحيد
لا تبلغ الأسياف من جثمان
إلاَّ كما خدش الحديد حديد
عرش بناه على النضال عماده
ودعامه الإيمان والتسديد
ضم القلوب موحداً أشتاتها
لله ثم لشعبه التوحيد
وذهب الشاعر محمود حسن إسماعيل إلى كثيرٍ من المعاني تدور حول فكر التوحيد عند المؤسس، وحرصه - طيّب الله ثراه- على وحدة الصف الإسلامي، فجاء في قصيدته التي ألقاها بين يدي المؤسس:
حادٍ من البيد هزتني قوافله
والنيل يصغي إليه أو يساجلهُ
يلقي الغناء حجازياً فتحسبهُ
تهجد الفجر أوابٌ يواصلهُ
أصغت له مصر فاهتاجت سرائرها
وللديار هوى تهفو شواغلهُ
معلَّمٌ كيف يشجي الريح كيف لها
تعيد تسبيح داودٍ فواصلهُ
وذهب الشاعر محمد الزبيري أيضاً إلى جوهر فكر التوحيد عند المؤسس، وجهوده التي بذلها - طيّب الله ثراه-؛ لتوحيد صفوف الأمة في قصيدة ألقاها بين يدي المؤسس:
قلب الجزيرة في يمينك ي خفقُ
وهوى العروبة في جبينك يشرقُ
ولعمر مجد المسلمين لأنت في
أنظارهم أمل منير شيقُ
وهبوك أفئدة الولاء وهبتهم
مجداً تقدسه القلوب وتعشقُ
إن الجزيرة شرقها وجنوبها
وشمالها حرم بوجهك مونقُ
وأخيراً هذا الشاعر الفذ محمد بن عبدالله بن عثيمين يُشيد ببعض صفات الملك عبدالعزيز، فيقول:
رعى الدين والدنيا رعاية محسن
وقام بأعباء الخلافة كاهلُه
وأرضى بني الإسلام قولاً وسيرة
فذو الظلم أرداه وذو اليتم كافله
وجدد منهاج الهدى بعدما عفا
وعزّ به الشرعُ الشريفُ وحاملُه
قصارى بني الدنيا دوامُ حياته
عسى الله يحييه وتعلو منازله
واختتم المؤلّف الكتاب بأنّه وصل إلى نهاية هذا البحث المختصر عن موضوع في غاية الأهميّة، وله دلالاته المختلفة، لا بُدَّ أن نُشير إلى آثار ذلك الأمر على المستويين الداخلي، والخارجي:
(الأوَّل: أن ما قام به الملك عبدالعزيز - رحمه الله- من توحيد للإمامة في الحرمين ظهر أثره في أنحاء العالم الإسلامي، وخاصةً في جوامعها الكبرى؛ كالأزهر في القاهرة، والأموي في دمشق، وكان لهذا الأمر أثره، وصداه الطيّب لدى علماء المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي.
الثاني: أن توحيد الإمامة في الحرمين الشريفين له دلالة واضحة، وكبيرة على وحدة هذا الوطن تحت مسمى (المملكة العربيَّة السعوديَّة)، وأن الأمر لم يكن عابراً، وإنما له من الدلالات الشيء الكثير، فهو توحيد للهدف، وتوحيد للمعتقد، وتوحيد للأرض).
** **
تأليف: د. فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز - «أمير منطقة القصيم»
إعداد: محمد المرزوقي - مُعد: «كتب الثقافية».
عرض: أحمد بن حسن المنصور- عضو نادي القصيم الأدبي.